هو صفة لكل لا لبعض والأظهر أن يتنازع فيه كل وبعض أي لا كل يشتمل على الغير ولا بعض يشتمل عليه الغير كما قدمنا واشتمال مجرور بإضافة ذو إليه وهو مصدر اشتمل بالثوب إذ التف به (وحاصل معنى البيت) إنه ذكر من صفاته تعالى السلبية أربع صفات أنه تعالى ليس جوهرا ولا جسما ولا كلا ولا بعضا لأنه تعالى ليس بعين الممكنة وهي ما له قيام بذاته سواء تركب من جوهرين فصاعدا وهو الجسم على ما مر أو غير مركب وهو الجزء الذي لا يتجزى المعبر عنه تارة بالجوهر الفرد وتارة بالنقطة وهو الذي يمتنع بالذات انقسامه وسيأتي تمامه وإذا انتفى أن يكون شيئا من الأعيان الممكنة انتفى بالضرورة أن يكون عرضا وهو ما لا يقوم بذاته إذ العرض أقسام العالم وهو بجميع أقسامه ممكن وربنا متعال عن ذلك علوا كبيرا (تنبيه) ذكر الرازي ههنا كلاما مخالفا لكلام المحققين وقد ضربت عليه بعد نقله وحاصل الصواب فيه ما نقله السعد رحمه الله من أنه تعالى ليس بجوهر قال أما عندنا فلأنه اسم للجزء الذي لا يتجزى وهو متحيز وجزء من الجسم والله تعالى متعال عن ذلك وأما عند الفلاسفة فلأنهم وإن جعلوه من أقسام الممكن وأرادوا به الماهية الممكنة التي إذا وجدت كانت لا في الموضع فإنما يمتنع إطلاقه على الصانع من جهة عدم ورود الشرع بذلك مع تبادر الفهم إلى المركب والمتحيز وذهب المجسمة والنصارى إلى إطلاق الجسم والجوهر عليه بالمعنى الذي يجب تنزيهه تعالى عنه انتهى وهذا هو الصواب الموافق لنقل المحققين في محل الخلاف وإذا تأملت ما هنا لك يظهر لك حقيقة ذلك والله الموفق والمرشد قال الناظم رحمه الله 10 وفي الأذهان حق كون جزء بالوصف التجزي يا ابن خال الأذهان جمع ذهن وهو قوة مدركة ينتقش فيها صور جميع المحسوسات والمعقولات وقد تسمى بالحافظة والنقش الحاصل فيها يسمى علما وإدراكا ومعرفة وتصورا وتعقلا وقد يطلق الذهن على العقل ويحتمل إرادته ههنا وقوله حق أي ثابت متقرر في عقول أولي الألباب من أهل السنة كون الجزء أي وجوده بلا وصف التجزي ممكن وواقع وقوله يا ابن بكسر النون منادى حذف منه ياء المتكلم أي يا ولدي وقوله خال أي الجزء خال عن وصف التجزي وحاصل هذه المسألة أن المتكلمين من أهل السنة والجماعة ذهبوا إلى إثبات وجود الجزء الذي لا يتجزى في الخارج وإن لم ير عادة إلا بانضمامه إلى غيره كما قدمنا وعبروا عنه بالنقطة وقالت المعتزلة يتصور تجزيه عقلا وفعلا إلى ما لا نهاية له وهذا القول ظاهر الفساد لأنه يشعر بأن لا تكون الخردلة أصغر من الجبل العظيم ولا الجبل العظيم أكبر
صفحة ٢٣