نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار
محقق
أبو تميم ياسر بن إبراهيم
الناشر
وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
مكان النشر
قطر
تصانيف
آخر. ويمكن أن يكون هو الشافعي لأنه روى عنه، وقال مصعب الزبيري: الواقدي ثقة مأمون. وقال أبو عُبَيد: الواقدي ثقة.
ورواية الطحاوي عن الثلجي عن الواقدي دليل على أنهما مرضيان عنده، ولا يلزمه تضعيف غيره إياهما على ما عرف.
ص: وكان من الحجة في ذلك أيضًا أنهم قد أجمعوا إن النجاسة إذا وقعت في البئر فغلبت على طعم مائها إو ريحه أو لونه أن ماءها قد فسد، وليس في حديث بئر بضاعة من هذا شيء إنما فيه: "أن النبي ﷺ سُئِل عن بئر بضاعة فقيل: إنَّه يلقى فيها الكلاب والمحائض. فقال: إنَّ الماء لا ينجسه شيء" ونحن نعلم أن بئرا لو سقط فيها ما هو أقل من ذلك لكان محالا ألَّا يتغير ريح مائها أو طعمه، هذا مما يعقل ويعلم، فلما كان ذلك كذلك وقد أباح لهم النبي ﵇ ماءها وأجمعوا أن ذلك لم يكن وقد داخل الماء التغير من جهة من الجهات اللاتي ذكرنا؛ استحال عندنا -والله أعلم- أن يكون سؤالهم النبي ﵇ عن مائها وجوابه إياهم في ذلك بما أجابهم كان والنجاسة في البئر، ولكنه كان -والله أعلم- بعد إن أخرجت النجاسة من البئر فسألوا النبي ﵇ عن ذلك هل يطهر بإخراج النجاسة منها فلا ينجس ماؤها الذي يطرأ عليها بعد ذلك؟ وذلك موضع مشكل؛ لأن حيطان البئر لم تغسل وطينها لم يُخْرَجْ؟ فقال لهم النبي ﵇: "إنَّ الماء لا ينجس" يريد بذلك الماء الذي يطرأ عليها بعد إخراج النجاسة منها؛ لا أن الماء لا ينجس إذا خالطته النجاسة، وقد رأينا أنه ﷺ قال: "المؤمن لا ينجس".
ش: هذا إشارة إلي جواب آخر عن مقالة الخصم وهو ظاهر.
قوله: "أنهم" في محل الرفع على أنه اسم "كان" والتقدير: وكان من الحجة في ذلك اجتماعهم -أعني إجماع كل من الخصم والأصحاب- على أن النجاسة ... إلى آخره.
فإن قلت: كيف قال: قد أجمعوا، والظاهرية ليسوا بقائلين بهذا الحكم فإن عندهم الماء لا ينجسه شيء أصلًا على ما حكينا عن ابن حزم أن مذهبهم هو مذهب
1 / 70