269

نجعة الرائد وشرعة الوارد

الناشر

مطبعة المعارف

مكان النشر

مصر

تصانيف

الأدب
وَقَطَعْت مِنْهُ رَجَاءهُ، وَصَرَمْت حَبْل رَجَائِهِ، وَقَطَعْت مِنْهُ سَحْرَه. وَهَذَا أَمْر قَدْ حِيلَ دُونَهُ، وَأَمْر لا مَغْمَزَ فِيهِ لِطَالِب، وَلا مَطْمَع لأَمَلٍ، وَأَمْر لَيْسَ لَهُ شَبَح إِلا فِي الْوَهْمِ وَلا خَيَال إِلا فِي التَّمَنِّي، وَأَمْر يَضِيقُ عَنْهُ نِطَاقُ الطَّمَعِ، وَتُبْدِعُ مِنْ دُونِهِ رَكَائِب الأَمَل، وَأَمْر قَدْ أَرْخَى عَلَيْهِ الْقُنُوط سِتَارَه، وَأَمْر دُونَهُ شَيْب الْغُرَاب. وَتَقُولُ: مَا لِي فِي فُلان رَجِيَّة أَيْ مَا أَرْجُو، وَقَدْ نَفَضْت يَدَيّ مِنْهُ، وَرَجَعْتْ عَنْهُ وأنا أَتَعَثَّرُ فِي أَذْيَالِ الْيَأْسِ. وَيُقَالُ: رَضِيَ فُلان بِمَقْصِر مِمَّا كَانَ يُحَاوِلُ أَيْ بِدُونِ مَا كَانَ يَطْلُبُ وَيُقَالُ: أَنَا مِنْ هَذَا الأَمْرِ غَيْر صَرِيم سَحْر أَيْ غَيْرِ قَانِط. وَهَذَا قَدَر قَدْ نَعَشَ اللَّهُ بِهِ عَاثِرَ الآمَالِ، وَأَحْيَا مَيِّت الآمَالِ، وَاهْتَزَّ بِهِ ذَاوِي الأَمَل، وَاخْضَرَّ عُودُ الرَّجَاء، وَأَقْشَعَ ضَبَاب الْيَأْسِ، وَسَفَرَتْ وُجُوه الآمَال، وَبَرَقَتْ ثُغُور الآمَال، وَتَبَلَّجَ صُبْح الْمُنَى، وَنَسَخَ صُبْحُ الرَّجَاءِ ظُلُمَاتِ الْقُنُوطِ.

1 / 259