النبذة الكافية في أحكام أصول الدين

ابن حزم ت. 456 هجري
24

النبذة الكافية في أحكام أصول الدين

محقق

محمد أحمد عبد العزيز

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٥ هـ - ١٩٨٥ م

مكان النشر

بيروت

انه لم يرد بذلك العبيد وَلَا بنى الْبَنَات مَعَ وجود عاصب وَنَحْو هَذَا كثير أَو ضَرُورَة مَانِعَة من حمل ذَلِك على ظَاهره كَقَوْلِه تَعَالَى ﴿الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس إِن النَّاس قد جمعُوا لكم فَاخْشَوْهُمْ﴾ فبيقين الضَّرُورَة والمشاهدة نَدْرِي ان جَمِيع النَّاس لم يَقُولُوا أَن النَّاس قد حمعوا لكم وبرهان مَا قُلْنَا من حمل الْأَلْفَاظ على مفهومها من ظَاهرهَا قَول الله تَعَالَى فِي الْقُرْآن ﴿بِلِسَان عَرَبِيّ مُبين﴾ وَقَوله تَعَالَى ﴿وَمَا أرسلنَا من رَسُول إِلَّا بِلِسَان قومه ليبين لَهُم﴾ فصح ان الْبَيَان لنا انما هُوَ حمل لفظ الْقُرْآن وَالسّنة على ظاهرهما وموضوعهما فَمن أَرَادَ صرف شَيْء من ذَلِك الى تَأْوِيل بِلَا نَص وَلَا اجماع فقد افترى على الله تَعَالَى وعَلى رَسُوله ﷺ َ - وَخَالف الْقُرْآن وَحصل فِي الدعاوي وحرف الْكَلم عَن موَاضعه وَأَيْضًا فَيُقَال لمن أَرَادَ صرف الْكَلَام عَن ظَاهره بِلَا برهَان ان هَذَا سَبَب الى السفسطة وابطال الْحَقَائِق كلهَا لِأَنَّهُ كلما قلت أَنْت وَغَيْرك كلَاما قيل لَك لَيْسَ هَذَا على ظَاهره بل لَك غَرَض آخر وَكلما أكدت قيل لَك لَيْسَ هَذَا ايضا على ظَاهره وَلم تنفك مِمَّن يَقُول لَك لَعَلَّ ابطالك للظَّاهِر لَيْسَ على ظَاهِرَة وَهَذَا كَمَا ترى وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق فصل فاذا وَقعت اللَّفْظَة فِي اللُّغَة على مَعْنيين فَصَاعِدا وقوعا مستويا لم يجز أَن يقْتَصر بهَا على احدهما بِلَا نَص وَلَا اجماع

1 / 38