أعلام رسول الله المنزلة على رسله

ابن قتيبة ت. 276 هجري
73

أعلام رسول الله المنزلة على رسله

محقق

محمد بن دليم بن سعد القحطاني

الناشر

دار الصميعي للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٤١ هـ -٢٠٢٠ م

مكان النشر

الرياض

تصانيف

حرف في سورة مريم: قالوا في قول الله تعالى: ﴿يَاأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا﴾ [مريم: ٢٨]، ولم يكن لها أخ يقال له: هارون، ونحن نقول: أنه لم يرد بها أخوة النسب؛ وإنما أراد: يا شبه هارون، يا مثل هارون في الصلاح، وكان في بني إسرائيل رجل صالح يسمى: هارون، وقد يقول الرجل للرجل: يا أخي. لا يريد به أخوة النسب؛ وإنما يريد أخوة الصداقة أو أخوة الدين، قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ [الحجرات: ١٠]، وقد آخى رسول الله بين أصحابه، وقد يقول الرجل هذا الشيء؛ أخو هذا، إذا كان له مشاكلًا وشبيهًا، قال الله تعالى: ﴿وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا﴾ [الزخرف: ٤٨]، يريد من الآية الأولى للتي تشبهها. حرف في الصافات: قالوا في قول الله تعالى، وذكر يونس: ﴿فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ﴾ [الصافات: ١٤٥]، وفي قوله في موضع آخر: ﴿لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ﴾ [القلم: ٤٩]، وهذا خلاف الأول؛ لأنه ذكر في الكلام الأول: أنه نُبِذَ بالعراء وهو سقيم، وقال في الكلام الثاني: ﴿لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ﴾، وهذا يدل على أنه لم يُنْبَذ بالعراء، وليس الأمر كما توهموا، ولا بين الكلامين اختلاف كما ذكروا؛ لأنه أراد لولا أن تبنا عليه ورحمناه، حين نبذناه بالعراء مذمومًا، أي: على حاله الأولى، ثم تِيْبَ عليه. ويدلك على ذلك قوله بعد: ﴿مَذْمُومٌ﴾، ﴿فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [القلم: ٥٠]، أي: تاب عليه.

1 / 225