اللباب في علوم الكتاب

ابن عادل ت. 775 هجري
69

اللباب في علوم الكتاب

محقق

الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٩ هـ -١٩٩٨م

مكان النشر

بيروت / لبنان

تصانيف

وَقيل: الرَّحْمَن لَيْسَ مشتقا؛ لِأَن الْعَرَب لم تعرفه فِي قَوْلهم: ﴿وَمَا الرَّحْمَن) [الْفرْقَان: ٦٠] وَأجَاب ابْن الْعَرَبِيّ عَنهُ: بِأَنَّهُم إِنَّمَا جعلُوا الصّفة دون الْمَوْصُوف؛ وَلذَلِك لم يَقُولُوا: وَمن الرَّحْمَن؟ وَقد تبعا موصوفهما فِي الْأَرْبَعَة من الْعشْرَة الْمَذْكُورَة. وَذهب الأعلم الشنتمري إِلَى أَن " الرَّحْمَن " بدل من اسْم " الله " لَا نعت لَهُ، وَذَلِكَ مَبْنِيّ على مذْهبه من أَن " الرَّحْمَن " عِنْده علم بالغلبة. وَاسْتدلَّ على ذَلِك بِأَنَّهُ قد جَاءَ غير تَابع لموصوف [كَقَوْلِه تَعَالَى: ﴿الرَّحْمَن علم الْقُرْآن﴾ [الرَّحْمَن: ١ - ٢] و﴿الرَّحْمَن على الْعَرْش اسْتَوَى﴾ [طه: ٥] . وَقد رد عَلَيْهِ السُّهيْلي بِأَنَّهُ لَو كَانَ بَدَلا لَكَانَ مُبينًا لما قبله، وَمَا قبله وَهُوَ الْجَلالَة الْكَرِيمَة لَا تفْتَقر إِلَى تَبْيِين؛ لِأَنَّهَا أعرف الْأَعْلَام، أَلا تراهم قَالُوا: " وَمَا الرَّحْمَن " وَلم يَقُولُوا: وَمَا الله؟ وَأما قَوْله: " جَاءَ غير تَابع " فَذَلِك لَا يمْنَع كَونه صفة؛ لِأَنَّهُ إِذا علم الْمَوْصُوف جَازَ حذفه، وَبَقَاء صفته؛ كَقَوْلِه ﵎: ﴿وَمن النَّاس وَالدَّوَاب والأنعام مُخْتَلف ألوانه﴾ [فاطر: ٢٨] أَي: نوع مُخْتَلف [ألوانه]، وكقول الشَّاعِر [فِي ذَلِك الْمَعْنى]: [الْبَسِيط] (٣٣ - كناطح صَخْرَة يَوْمًا ليفلقها ... فَمَا وهاها وأوهى قرنه الوعل) أَي: كوعل ناطح، وَهُوَ كثير. وَالرَّحْمَة: لُغَة: الرقة والانطاف، وَمِنْه اشتقاق الرَّحْمَن، وَهِي الْبَطن؛ لانعطافها على الْجَنِين، فعلى هَذَا يكون وَصفه - تَعَالَى - بِالرَّحْمَةِ مجَازًا عَن إنعامه على عباده، كالملك إِذا عطف على رَعيته أَصَابَهُم خَيره، هَذَا معنى قَول أبي الْقَاسِم الزَّمَخْشَرِيّ - رَحمَه الله تَعَالَى -

1 / 146