اللباب في علوم الكتاب

ابن عادل ت. 775 هجري
50

اللباب في علوم الكتاب

محقق

الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٩ هـ -١٩٩٨م

مكان النشر

بيروت / لبنان

تصانيف

وَذهب الْكُوفِيُّونَ: إِلَى أَنه مُشْتَقّ من الوسم، وَهُوَ: الْعَلامَة؛ لِأَنَّهُ عَلامَة على مُسَمَّاهُ، وَهَذَا وَإِن كَانَ صَحِيحا من حَيْثُ الْمَعْنى؛ لكنه فَاسد من حَيْثُ التصريف. وَاسْتدلَّ البصريون على مَذْهَبهم بتكسيرهم لَهُ على " أَسمَاء "، وتصغيرهم لَهُ على " سمي "، لِأَن التكسير والتصغير يردان الْأَشْيَاء إِلَى أُصُولهَا. وَتقول الْعَرَب: " فلَان سميّك، وَسميت فلَانا بِكَذَا وأسميته بِكَذَا، فَهَذَا يدل على أَن اشتقاقه من: " السمو "، وَلَو كَانَ من: " الوسم " لقيل فِي التكسير: " أوسام "، وَفِي التصغير " وسيم "؛ ولقالوا؛ وسيمك فلَان، ووسمت، وأوسمت فلَانا بِكَذَا فَدلَّ عدم قَوْلهم ذَلِك؛ أَنه لَيْسَ كَذَلِك. وَأَيّمَا فَجعله من " السمو " مدْخل لَهُ فِي الْبَاب الْأَكْثَر، وَجعله من " الوسم " مدْخل لَهُ فِي الْبَاب الْأَقَل؛ وَذَلِكَ أَن حذف اللَّام كثير، وَحذف الْفَاء قَلِيل. وَأَيْضًا فَإنَّا عهدنهم غَالِبا يعوضون فِي غير مَحل الْحَذف، فَجعل همزَة الْوَصْل عوضا عَن اللَّام مُوَافق لهَذَا الأَصْل، بِخِلَاف ادّعاء كَونهَا عوضا عَن الْفَاء. فَإِن قيل: قَوْلهم: " أَسمَاء " فِي التكسير، و" سمي " فِي التصغير، لَا دلَالَة فِيهِ؛ لجَوَاز [أَن يكون] الأَصْل: " أوساما " و" وسيْما "، ثمَّ قلبت الْكَلِمَة بِأَن أخرت فاؤها بعد لامها، فَصَارَ لفظ " أوسام "، " أسماوا " ثمَّ أعل إعلال " كسَاء "، وَصَارَ " وسيْم "، " سميّوا " ثمَّ أعل إعلال " جريّ " تَصْغِير " جرو ". فَالْجَوَاب: أَن ادّعاء ذَلِك لَا يُفِيد؛ لِأَن الْقلب على خلاف الْقيَاس، فَلَا يُصَار إِلَيْهِ، مَا لم تدع إِلَيْهِ ضَرُورَة. وَهل لهَذَا الْخلاف فَائِدَة أم لَا؟ وَالْجَوَاب: أَن لَهُ فَائِدَة، وَهِي أَن من قَالَ باشتقاقه من العلوّ يَقُول: إِنَّه لم يزل مَوْصُوفا قبل وجود الْخلق، وبعدهم، وَعند فنائهم، وَلَا تَأْثِير لَهُم فِي أَسْمَائِهِ، وَلَا صِفَاته، وَهُوَ قَول أهل السّنة ﵏. وَمن قَالَ: إِنَّه مُشْتَقّ من الوسم: يَقُول: كَانَ الله تَعَالَى فِي الْأَزَل بِلَا اسْم، وَلَا صفة، فَلَمَّا خلق الْخلق جعلُوا لَهُ أَسمَاء وصفات، وَهُوَ قَول الْمُعْتَزلَة. وَهَذَا أَشد خطأ من قَوْلهم " بِخلق الْقُرْآن "، وعَلى هَذَا الْخلاف وَقع الْخلاف أَيْضا فِي الِاسْم والمسمى. فصل فِي لُغَات " الِاسْم " وَفِي الِاسْم خمس لُغَات: " اسْم " بمض الْهمزَة وَكسرهَا، و" سم " بِكَسْر السِّين وَضمّهَا. وَقَالَ أَحْمد بن يحيى: من قَالَ: " سم " بِضَم السِّين، أَخذه من سموت أسمو،

1 / 127