المباحث العقدية المتعلقة بالكبائر ومرتكبها في الدنيا
الناشر
الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة السادسة والثلاثون
سنة النشر
العدد (١٢٣) ١٤٢٤هـ/٢٠٠٤م
تصانيف
المقدمة
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل الله، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وبعد.
فإن الذنوب أشأم شيء على العبد في دنياه وأخراه، فهي سبب فيما يصيب العبد من البلاء والشر في أمور معاشه وحياته الدنيوية، وسبب في النقص الذي يصيبه في دينه بما ينفتح عليه من مداخل الشيطان، وينغلق من عون الرحمن ومدده ودفعه ﵎، كما أنها سبب في غضب الله ومقته وعقوبته الأخروية وهي أشد وأنكى.
قال تعالى ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ الشورى٣٠، وقال تعالى ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ
يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ النور ٦٣، وقال تعالى ﴿ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ﴾ الروم ١٠، وقال ﴿كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا﴾ الإسراء ٣٨، وقال تعالى ﴿مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا﴾ النساء ١٢٣. وغير ذلك من الآيات والنصوص الكثيرة الواردة في هذه المعاني.
والذنوب يترتب عليها عند السلف أحكام عقدية، وغير عقدية في الدنيا والآخرة، فأحببت أن أجمع كلام أهل العلم في الأحكام العقدية المتعلقة بمرتكب الكبائر في الدنيا.
وقد سميته (المباحث العقدية المتعلقة بالكبائر ومرتكبها في الدنيا عند أهل
1 / 55