106

البغدادي: نسبة إلى بغداد، فيها خمس لغات، إهمال الدالين، وإعجامهما، وإعجام الأولى وإهمال الثانية، وعكسه، والخامسة بغدان، وتسمى مدينة السلام، ومدينة الإسلام، وتسمى الزوراء لا زورار قبلتها أي انحرافها، وتسمى مدينة المنصور لأنه بناها، وهي سيدة البلاد وجنة الأرض وأجل المدائن وأحسنها بنيانا وأطثبها هواء، وهي وسط الإقليم الرابع الذي هو أعز الأقاليم، ولها دور بأبواب في دورها عشرون ألف ذراع، ولها أربعة أبواب ما بين كل باب خمسة آلاف ذراع، باب الكوفة وباب النصارى، وباب خراسان، وباب الشام، وعلى كل باب أبواب من الحديد عظام لا يغلقها إلا جماعة من الرجال، ولكل باب منها دهليز، وعلى كل باب قبة عظيمة مزينة بالذهب، وحول القصر دور لأولاد بني العباس وأهل الخدمة، والقصر في وسط المدينة وإلى جانب المسجد الأعظم، وهي ما بين نهري دجلة والفرات، وكان بها من المساجد في القديم، ثلاثون ألف مسجد، وعشرون ألف حمام، وذكر الخطيب، أن المنصور بني مدينة الجانب الغربي ووضع اللبنة بيده، والآن لم يبق منها أثر، وابتدأ في بناء أساسها سنة خمس وأربعين ومائة، وتم بناؤها سنة ست وأربعين ومائة، قال أبو حامد القزويني: ومن استوطن بغداد يجتري على الإنفاق، ويطيب قلبه، فإن كان بخيلا يصير سخيا، قال: وحال أصبهان خلاف هذا يخاف ساكنها من الإنفاق، وإن كان سخيا صار بخيلا انتهى. وكان دار الخلافة ومجمع العلماء ومعدن الظرفاء والفضلاء، ومربع أولياء الله، ثم زالت محاسنها وذهبت بهجتها واستولى الخراب على أكثرها باستيلاء هلاكو ملك التتار عليها، بل على جملة من بلاد الإسلام، وقتلهم للخليفة أبي أحمد المستعصم بالله آخر خلفاء بني العباس في عالمم عظيم من العلماء والعباد والزهاد والرؤساء، وذلك بسوء تدبير وزيره العلقمي في سنة ست وخمسين وستمائة:

ماذا أأمل بعد آل المصطفى

صفحة ١١٤