واستدل من خص الجواز بالأولى بأدلة ضعيفة لا تنهض لتقييد تلك الأخبار.
ثم إنك قد عرفت أن النظر إذا كان بقصد التلذذ فهو حرام إجماعا (1)، كما ادعاه غير واحد (2)، وعليه أو على خوف الفتنة يحمل ما ورد من ذم النظر في الأخبار.
وأما إذا لم يقصد به التلذذ ولكن علم بحصول اللذة بالنظر، أو لم يعلم به، ولكن تلذذ في أثناء النظر، فهل يجب الكف، أم لا؟ الظاهر: الثاني، لاطلاق الأدلة، ولأن النظر إلى حسان الوجوه من الذكور والإناث لا ينفك عن التلذذ غالبا - بمقتضى الطبيعة البشرية المجبولة على ملائمة الحسان - فلو حرم النظر مع حصول التلذذ لوجب استثناء النظر إلى حسان الوجوه مع أنه لا قائل بالفصل بينهم وبين غيرهم.
ويؤيد ما ذكرنا ما رواه في الكافي عن علي بن سويد في الصحيح قال: (قلت لأبي الحسن عليه السلام: إني مبتلى بالنظر إلى المرأة الجميلة، فيعجبني النظر إليها، فقال: لا بأس يا علي (3) إذا عرف الله من نيتك الصدق، وإياك والزنى فإنه يمحق البركة ويذهب بالدين) (4).
فإن مراد السائل أنه كثيرا ما يتفق له الابتلاء بالنظر إلى المرأة
صفحة ٥٣