ما رأينا في البرية طرا .... مثلهم لو وقاهم الموت واق هذا مع ما كانوا عليه من القشف والشظف، وضيق المعاش، وعدم [الرياش]، يشتهي العلوي الأكلة فيحرمها، وخراج مصر والأهواز، والحرمين والحجاز، تصرف إلى زلزل الطارب، وبرطم الزامر، وخارق المغني، ومائق اللاعب، وفلان وفلان، والمتوكل على الشيطان؛ لا على الرحمن- فيما زعموا - يشتري إثني عشر ألف سرية، وسيد من سادات العترة يتكفف بسندية وهندية، ومال الخراج مقصور على الصفاعنه والسفلة، ويبخلون على الفاطمي بأكلة أو شربة، ويضايقونه بدانق وحبة، ويشترون البغية بالبدر، ويجيزون لها ما يفي برزق عسكر، والقوم الذين أحل الله لهم الخمس، وحرم عليهم الصدقات، وفرضت لهم الكرامة والمحبة، يتكففون صبرا، ويهلكون فقرا، ويرهن أحدهم سيفه أو درعه، ويبيع ثوبه، وليس له ذنب إلا أن جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأباه علي عليه السلام، وأمه فاطمة عليها السلام، وجدته خديجة رضي الله عنها، ومذهبه الإيمان، ودينه القرآن، شعرا:
ومالي جرم غير لم أقرب الخنا .... ولم أشرب الصهبا ولم أدع بالغدر
ونحن فقد تمسكنا بالعروة الوثقى، وآثرنا الدين على الدنيا، فإن الإسلام بدأ غريبا، وسيعود غريبا، كلمة من الله، ووصية من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والعاقبة للمتقين، وعندنا بحمد الله لكل حالة آلة، ولكل مقام مقالة، فعند المحن الصبر، وعند النعماء الشكر، ولقد كذب محمد صلى الله عليه وآله وسلم بضع عشرة سنة، فما أتهمناه بنبوته، وشتم أمير المؤمنين عليه السلام على فروع المنابر ألف شهر، فما شككنا في إمامته، وأنظر الله إبليس المدة الطويلة، فلم نرتاب في لعنته، وقد قال شاعرنا يفتخر بما نحن فيه من الأحوال، شعرا:
صفحة ٢١٨