84

نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز

الناشر

دار الذخائر

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٩ هـ

مكان النشر

القاهرة

قوله تعالى: إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ [الغاشية: ٢١]، إلى غير ذلك من الأسماء. روى الترمذى عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: جلس ناس من أصحاب رسول الله ﷺ وهم ينتظرون خروجه، قال: فخرج حتّى إذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون، فسمع حديثهم، فقال بعضهم: عجبا، إن الله ﵎ اتخذ من خلقه خليلا: اتخذ إبراهيم خليلا، وقال اخر: ماذا بأعجب من كلام موسي: كلّمه تكليما، وقال اخر: ماذا بأعجب من جعله عيسى كلمة الله وروحه، وقال اخر: ماذا بأعجب من ادم اصطفاه الله عليهم وخلقه بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته، فسلّم رسول الله ﷺ على أصحابه، وقال: قد سمعت كلامكم وعجبكم؛ إن إبراهيم خليل الله، وهو كذلك، وإن موسى نجيّ الله، وإن عيسى روح الله وكلمته، وإن ادم اصطفاه الله، وهو كذلك، ألا وأنا حبيب الله ولا فخر، وأنا حامل لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر، وأنا سيد الأوّلين والاخرين ولا فخر، وأنا أوّل شافع وأوّل مشفّع يوم القيامة ولا فخر، وأنا أوّل من يحرك حلق الجنة فيفتح الله لى فيدخلنيها ومعى فقراء المؤمنين ولا فخر، «١» انتهي، فقوله ﷺ «ألا وأنا حبيب الله» أراد ﷺ المحبة العامة التى منها توحيد المحبة، وهى الخلّة الخاصة؛ فهو ﷺ حبيب وخليل، حيث تخللت المحبة الموجدة في جميع أجزاء روحه ﷺ كما قيل: قد تخلّلت موضع الرّوح منّي ... وبذا سمّي الخليل خليلا لا سيما وأنه قد صحّ أن الله اتخذ نبينا خليلا، فحصل له من الإنعام الحبّ العام على الخاص والعام، كما قيل: خللت بهذا خلّة بعد خلّة ... بذلك طاب الواديان كلاهما فلا نظر لزعم من لا علم عنده أن الحبيب أفضل من الخليل؛ محتجّا بأن محمدا حبيب الله وإبراهيم خليل الله، وقد علمت ما يفيد خلاف ذلك، لما صحّ عنه ﷺ أنه قال: «إن الله اتخذنى خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا» وفي الحديث

(١) وقد ذكره السيوطى في جامعه ص ٦٠٣ ج ١ من رواية الترمذى عن ابن عباس.

1 / 26