113

نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز

الناشر

دار الذخائر

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٩ هـ

مكان النشر

القاهرة

عيناه، وقال لها: «إن أحببت فأقيمى عندى مكرمة محبّبة، وإن أحببت أن ترجعى إلى قومك وصلتك» . قالت: بل أرجع إلى قومي. فأسلمت «١»، وأعطاها النبى ﷺ جارية وغلاما اسمه مكحول، فزوجت الجارية من الغلام، وكانت تحضنه ﷺ وترقصه وتقول: هذا أخ لى لم تلده أمى ... فديته من مخول معم فأنمه اللهمّ فيما تنمي ولعل هذا الرجز مصطنع بعد، أو كان مما يرقّص به الأطفال في ذلك الزمن. وكان رسول الله ﷺ عرض على كثير من النساء فلم يرضين رضاعه ليتمه وفقره؛ ويقلن: ماذا عسى أن يكون من أمه وجدّه إلينا لله إنما يكون الإحسان من الأب. فأخذته حليمة السعدية، وقالت: لعل الله أن يجعل لنا فيه البركة. فحقق الله رجاءها. واليتم والفقر نقص في حق الخلق؛ فلما صار محمد ﵊ مع هذين الوصفين أكرم الخلق، كان ذلك قلبا للعادة، فكان من جنس المعجزات، وقد قيل لجعفر الصادق: لم يتم ﷺ من أبويه؟ قال: لئلا يكون عليه حق لمخلوق، وأيضا لينظر ﷺ إذا وصل إلى مدارع «٢» عزه لأوائل أمره، ليعلم أن العزيز من أعزّه الله تعالى: وأنّ قوّته ليست من الاباء والأمهات، ولا من المال، بل قوتّه من الله تعالى، وأيضا ليرحم الفقراء والأيتام، وقد قال ﷺ: «ارحموا اليتامي، وأكرموا الغرباء؛ فإني كنت في الصغر يتيما وفي الكبر غريبا» «٣» .

(١) انظر ترجمتها في «الإصابة في تمييز الصحابة» لابن حجر؛ قال: وذكر محمد بن المعلى الأزدى في كتاب الترقيص قال: وقالت الشيماء ترقّص النبى ﷺ وهو صغير: يا ربنا أبق لنا محمدا ... حتى أراه يافعا وأمردا ثم أراه سيدا مسوّدا ... واكبت أعاديه معا والحسّدا وأعطه عزا يدوم أبّدا قال: فكان أبو عروة الأزدى إذا أنشد هذا البيت يقول: «ما أحسن ما أجاب الله دعاءها» اهـ. من الإصابة. (٢) مدارع عزه: منتهاه. (٣) قال ابن حجر الهيتمى المكى المتوفى سنة ٩٧٤ هـ بعد ذكر جملة من الأحاديث منها هذا الحديث: «ارحموا اليتامى ...» الخ قال: «هذه الأحاديث كلها كذب موضوعة، لا يحل رواية شيء منها إلا لبيان أنها كذب مفترى على النبى ﷺ، كما أفاد ذلك الحافظ السيوطى شكر الله سعيه» انتهي. من الفتاوى الحديثية ص ١٧٤ طبع الحلبى.

1 / 55