النهاية في غريب الأثر
محقق
طاهر أحمد الزاوى - محمود محمد الطناحي
الناشر
المكتبة العلمية - بيروت
مكان النشر
١٣٩٩هـ - ١٩٧٩م
أَنَّهُمْ كَانَتْ لَهُمْ أَعْمَالٌ فِي الْجِهَادِ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، فَإِذَا غمَدوا سُيُوفَهُمْ وَتَرَكُوا الْجِهَادَ نَقَصُوا أَعْمَالَهُمْ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ ﵁ «أَنَّ رجلا قال لَهُ: اتَّقِ اللَّهَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أتَأْلِتُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ» أَيْ أتَحُطُّه بِذَلِكَ وتَضع مِنْهُ وتَنْقُصُه. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: فِيهِ وَجْهٌ آخَرُ هُوَ أَشْبَهُ بِمَا أَرَادَ الرَّجُلُ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ أَلَتَهُ يَمِينًا أَلْتًا إِذَا حَلَّفه. كَأَنَّ الرَّجُلَ لمَّا قَالَ لِعُمَرَ ﵁ اتَّق اللَّهَ فَقَدْ نَشَده بِاللَّهِ. تَقُولُ الْعَرَبُ أَلَتُّكَ بِاللَّهِ لِمَا فَعَلْتَ كَذَا، مَعْنَاهُ نَشَدْتُك بِاللَّهِ. والأَلْتُ والأَلْتَةُ: الْيَمِينُ.
(ألَسَ)
(هـ) فِيهِ «اللهمَّ إنَّا نَعوذُ بِكَ مِنَ الأَلْس» هُوَ اخْتِلَاطُ الْعَقْل. يُقَالُ أُلِسَ فَهُوَ مَأْلُوس. وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: هُوَ الْخِيَانَةُ، مِنْ قَوْلِهِمْ لَا يُدَالِسُ وَلَا يُوَالِسُ، وَخَطَّأَهُ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ فِي ذَلِكَ «١» .
(أَلِفَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ حُنَيْنٍ «إِنِّي أُعْطي رِجَالًا حَديثي عَهْد بكُفْرٍ أَتَأَلَّفُهُمْ» التَّأِلُّف الْمُدَارَاةُ وَالْإِينَاسُ لِيَثْبُتُوا عَلَى الْإِسْلَامِ رَغْبة فِيمَا يَصِلُ إِلَيْهِمْ مِنَ الْمَالِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الزَّكَاةِ «سَهْمٌ للمُؤَلَّفَةِ قلوبُهم» .
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ «وَقَدْ عَلِمَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ أخَذَ لَهَا الإِيلَاف لَهَاشِمٌ» الإِيلَاف العهْد وَالذِّمَامُ، كَانَ هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ أخذَه مِنَ الْمُلُوكِ لِقُريش.
(أَلق)
(هـ) فِيهِ «اللهمَّ إنَّا نَعوذُ بِكَ مِنَ الأَلْقِ» هُوَ الجُنون. يُقَالُ أُلِقَ الرجُلُ فَهُوَ مَأْلُوق، إِذَا أَصَابَهُ جُنُونٌ. وَقِيلَ أَصْلُهُ الْأَوْلَقُ وَهُوَ الْجُنُونُ، فَحَذَفَ الواو. ويجوز أن يكون من
_________
(١) ذكر الهروي وجه الخطأ فقال «وقال ابن الأنباري: أخطأ؛ لأن المألوس والمسلوس عند العرب هو المضطرب العقل، لا خلاف بين أهل اللغة فيه. قال المتلمس:
فإن تبدلتُ من قومي عديّكُمُ ... إني إذًا لضعيفُ الرأي مألوس
جاء به- أي بالمألوس- بعد ضعف الرأي. ومعنى قولهم لا يؤالس: لا يخلط. قال الشاعر [الحصين بن القناع]:
هم السمن بالسَّنُّوت لا أَلْسَ فيهمُ
أي لا تخليط، والسنوت- كتنور-: العسل.
1 / 60