[الآية الثالثة عشرة] شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضًا أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٨٥) .
أي من حضر ولم يكن في سفر بل كان مقيما.
قال جماعة من السلف والخلف: إن من أدركه شهر رمضان مقيما غير مسافر لزمه صيامه، سافر بعد ذلك أو أقام، استدلالا بهذه الآية.
وقال الجمهور: إنه إذا سافر أفطر، لأن معنى الآية أنه إذا حضر الشهر من أوله إلى آخره لا أنه إذا حضر بعضه وسافر فإنه لا يتحتم عليه إلا صوم ما حضره. وهذا هو الحق. وعليه دلت الأدلة الصحيحة من السنة. وقد كان يخرج ﵌ في رمضان فيفطر «١» .
قوله يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ: فيه أن هذا مقصد من مقاصد الرب سبحانه ومراد من مراداته في جميع أمور الدين، ومثله قوله تعالى: وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ. وقد ثبت عن رسول الله ﵌ أنه كان يرشد إلى التيسير ونهى عن التعسير كقوله ﵌: «يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا» «٢» وهو في الصحيح.
واليسر: السهل الذي لا عسر فيه.
والمراد بالتكبير هنا: هو قول القائل: الله أكبر الله أكبر. قال الجمهور ومعناه الحض على التكبير في آخر رمضان. وقد وقع الخلاف في وقته: فروى عن بعض السلف أنهم كانوا يكبرون ليلة الفطر، وقيل: إذا رأوا هلال شوال كبروا إلى انقضاء الخطبة، وقيل: إلى خروج الإمام، وقيل: هو التكبير يوم الفطر.
قال مالك: هو من حين يخرج من داره إلى أن يخرج الإمام، وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة يكبر في الأضحى ولا يكبر في الفطر.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس في قوله: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ، قال: هو هلاله بالدار «٣» .
_________
(١) أخرجه البخاري في الصحيح [٤/ ١٨٠] ح [١٩٤٤] .
(٢) [متفق عليه] أخرجه البخاري في الصحيح ح [٤٣٤١] و[٤٣٤٢] و[٤٣٤٤] ومسلم في الصحيح [٣/ ١٥٨٧] ح [١٧٣٣] .
(٣) أخرجه ابن جرير في التفسير [٢/ ١٥٢] ح [٢٨٣١] .
1 / 35