بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم كثيرا.
قال كاتبه فقير رحمة الله الكريم، محمد بن محمد بن محمد الكركي:
حدثنا سيدنا ومولانا قاضي القضاة شيخ الإسلام، إمام الحفاظ -أمتع الله بوجوده- إملاء من حفظه وهو بجامعه بيبرس على عادته، وقراءة من المستملي على الشيخ رضوان كعادته، وذلك في يوم الثلاثاء سابع شهر صفر المبارك من شهور سنة سبع وثلاثين وثمانمئة، قال وأنا أسمع:
الحمد لله المحمود بجميل الأذكار، والصلاة والسلام على محمد الممدوح بنتائج الأفكار، وعلى آله وصحبه ما دام العشي والإبكار.
أما بعد؛ فقد عزمت على تخريج الأحاديث المذكورة في كتاب ((الأذكار)) تيمنا به وبمصنفه، يا حبذا واضعا وموضوعا، مبينا حال الحديث صحيحا، أو حسنا، أو واهيا وموضوعا، وعلى الله الكريم أعتمد، ومن فيض فضله أستمد.
صفحة ١٥
وقد أخبرنا بجميع الكتاب الشيخ الإمام العلامة، مسند القاهرة، أبو إسحاق، إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد المؤمن التنوخي البعلي ثم الدمشقي، نزيل القاهرة، المعروف بالبرهان [الشامي] الذي قرئ [قراءة عليه -رحمه الله- وأنا أسمع لبعضه وإجازة لسائره. قال: أخبرنا الشيخ الإمام العلامة أبو الحسن علي بن إبراهيم بن داود بن العطار الدمشقي في كتابه أنا شيخ الإسلام محيي الدين يحيى بن شرف بن مري النووي -رحمه الله- قراءة عليه، وأنا أسمع لجميع كتاب الأذكار.
صفحة ١٦
[المجلس (1)]
مقدمة المؤلف
[[روينا في صحيح مسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا)).
الحديث المتفق على صحته: ((إذا أمرتكم بشيء فائتوا منه ما استطعتم)).]]
(1)
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر ما في الخطبة من الأحاديث
قوله: (لقوله صلى الله عليه وسلم: ((من دعا إلى هدى .. .. )) الحديث).
أخبرني الشيخ المسند، الثقة، المبارك، أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن المبارك الغزي الأصل، فيما قرأت عليه بمنزله ظاهر القاهرة رحمه الله، قال : أنا أبو الحسن علي بن إسماعيل بن إبراهيم المخزومي، قال: أنا عبد اللطيف بن عبد المنعم، أنا مسعود بن محمد في كتابه، أنا أبو علي المقرئ، أنا أبو نعيم الأصبهاني في كتابه ((المستخرج)) ثنا محمد بن إبراهيم وعبد الله بن محمد، قالا: ثنا أبو يعلى، ثنا يحيى بن أيوب (ح).
صفحة ١٧
وبه إلى أبي نعيم قال: ثنا أبو عمرو بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا قتيبة بن سعيد (ح).
وأخبرني أبو عبد الله محمد بن علي البراعي ثم الصالحي بها -رحمه الله- عن زينب بنت إسماعيل بن إبراهيم سماعا، قالت: أنا أحمد بن عبد الدائم، أنا يحيى بن محمود، أنا عبد الواحد بن محمد، أنا عبيد الله بن المعتز بن منصور، أنا أبو طاهر محمد بن الفضل، أنا جدي أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، ثنا علي بن حجر، قالوا: ثنا إسماعيل بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، من غير أن ينقص من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل إثم من تبعه، من غير أن ينقص من آثامهم شيئا)).
هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم وأبو داود عن يحيى بن أيوب.
ومسلم أيضا، والترمذي عن علي بن حجر.
ومسلم أيضا عن قتيبة.
وابن حبان عن أبي يعلى.
فوقع لنا موافقة للجميع مع العلو.
صفحة ١٨
وقد ذكر المصنف حديث الأعمال بسنده إلى منتهاه، فأغنى عن تخريجه، وقد أمليته فيما مضى مطولا.
قوله: (في الحديث المتفق على صحته: ((وإذا أمرتكم بشيء فائتوا منه ما استطعتم))).
قلت: اتفق الشيخان على تخريجه من رواية أبي الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة.
وأخرجه البخاري من رواية مالك ومسلم من رواية سفيان بن عيينة كلاهما عن أبي الزناد.
وأخرجه مسلم أيضا من رواية أبي صالح السمان، وسعيد بن المسيب، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، ومحمد بن زياد، وهمام بن منبه، كلهم عن أبي هريرة.
صفحة ١٩
أخبرنا المسند الأصيل أبو علي محمد بن محمد بن علي المصري قراءة عليه، وأنا أسمع بشاطئ النيل، عن ست الوزراء بنت عمر بن أسعد بن المنجا سماعا، قالت: أنا الحسين بن أبي بكر، قال: أنا أبو الوقت، أنا عبد الرحمن بن محمد، أنا عبد الله بن أحمد، أنا محمد بن يوسف، أنا محمد بن إسماعيل البخاري، ثنا إسماعيل -هو ابن أبي أويس- حدثني مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم)).
[هكذا] أخرجه البخاري، وأخرجه ابن حبان عن عمر بن محمد البحيري عن البخاري.
فوقع لنا بدلا عاليا.
وأخبرني شيخ الإسلام أبو الفضل بن الحسين الحافظ رحمه الله فيما قرأت عليه، أنا أبو محمد عبد الله بن محمد البزوري، أنا علي بن أحمد بن عبد الواحد، عن محمد بن معمر، أنا سعيد بن أبي الرجاء، أنا أحمد بن محمد بن النعمان، أنا محمد بن إبراهيم بن علي بن عاصم، ثنا إسحاق بن أحمد بن نافع، ثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر، ثنا سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، فذكر نحوه، لكن قال: ((فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم)).
أخرجه مسلم عن ابن أبي عمر.
فوقع لنا موافقة عالية ولله الحمد.
[[فصل: كما يستحب الذكر يستحب الجلوس في حلق أهله، ويكفي في ذلك
حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
صفحة ٢٠
[المجلس (2)]
((إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا. قالوا: وما رياض الجنة يا رسول الله؟! قال: حلق الذكر، فإن لله تعالى سيارات من الملائكة يطلبون حلق الذكر، فإذا أتوا عليهم حفوا بهم)).]]
(2)
بسم الله الرحمن الرحيم
ثم حدثنا سيدنا ومولانا شيخ الإسلام المشار إليه إملاء من حفظه ولفظه، وقراءة من المستملي عليه كعادته في يوم الثلاثاء حادي عشر من صفر من شهور سنة سبع وثلاثين وثمانمئة قال وأنا أسمع.
قوله: (فصل كما يستحب الجلوس للذكر يستحب الجلوس في [إلى] حلق أهله إلى أن قال: ويكفي في ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا ..)) الحديث.
وفيه: ((فإن لله سيارات -إلى قوله- حفوا بهم)) ).
قلت: لم أجده من حديث ابن عمر ولا بعضه لا في الكتب المشهورة ولا الأجزاء المنثورة ولكن وجدته من حديث أنس بلفظه مفرقا، ووجدته من حديث جابر بمعناه مختصرا مفترقا، ومجموعا.
أما حديث جابر:
صفحة ٢١
فأخبرني به أبو العباس محمد بن علي بن عبد الحق الدمشقي بها، عن عائشة بنت المسلم الحرانية سماعا، قالت: أنا عبد الرحمن بن أبي الفهم، أنا يحيى بن أسعد، أنا عبد القادر بن محمد، أنا عبد العزيز بن علي، أنا الحسن بن جعفر، ثنا جعفر بن محمد الفريابي، قال: ثنا إبراهيم بن العلاء، ثنا إسماعيل بن عياش، ثنا عمر مولى غفرة، عن أيوب [بن] خالد بن صفوان، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((يا أيها الناس! إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا)) قلنا: يا رسول الله! وأين رياض الجنة؟ قال: ((مجالس الذكر)).
وبه إلى الفريابي، ثنا أبو أيوب سليمان بن عبد الرحمن، ثنا محمد بن شعيب، عن عمر بن عبد الله مولى غفرة، عن أيوب بن خالد، عن جابر، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أيها الناس! إن لله تعالى سرايا من الملائكة تقف وتحل على مجالس الذكر)).
وأخبرني العماد أبو بكر بن إبراهيم بن العز الصالحي بها، أنا أحمد بن معالى، أنا محمد بن إسماعيل الخطيب، قال: قرئ على فاطمة بنت أبي الحسن ونحن نسمع، أن زاهر بن طاهر أخبرهم، قال: أنا أبو سعد الكنجروذي، أنا أبو عمرو بن حمدان، ثنا أبو يعلى، ثنا عبد الله هو ابن معاذ، ثنا بشر بن المفضل، ثنا عمر بن عبد الله، عن أيوب بن خالد، قال: قال جابر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله سرايا من الملائكة تقف وتحل بمجالس الذكر في الأرض، فارتعوا في رياض الجنة)) قالوا: وما رياض الجنة يا رسول الله؟ قال: ((مجالس الذكر)).
صفحة ٢٢
هذا حديث غريب، أخرجه البزار عن محمد بن عبد الملك عن بشر بن المفضل.
فوقع لنا بدلا عاليا.
وأخرجه الحاكم من طريق مسدد عن بشر بن المفضل وصححه، فوهم، فإن مداره على عمر بن عبد الله مولى غفرة بضم المعجمة وسكون الفاء، وهو ضعيف.
وأما حديث أنس:
فأخبرني أبو المعالي الأزهري، أنا أحمد بن أبي بكر بن طي، قال: أنا أبو الفرج بن الصيقل، أنا أبو محمد الحربي، أنا أبو القاسم الشيباني، أنا أبو علي التميمي، أنا أبو بكر القطيعي، ثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، ثنا عبد الصمد هو ابن عبد الوارث، ثنا محمد هو ابن ثابت البناني، عن أبيه، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا)) قالوا: وما رياض الجنة؟ قال: ((حلق الذكر)).
هذا حديث غريب، أخرجه الترمذي عن عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه.
فوقع لنا بدلا عاليا. وقال: هذا حديث حسن غريب من حديث ثابت.
صفحة ٢٣
وأخرجه الدارقطني في ((الأفراد)) من رواية محمد بن ثابت هكذا، وقال: تفرد به محمد عن أبيه.
وأخرجه ابن عدي في ((الكامل)) في أفراد محمد بن ثابت، ونقل تضعيفه.
وأخرجه أبو يعلى من رواية أبي عبيدة الحداد عن محمد بن ثابت.
وقد جاء من وجه آخر عن أنس.
أخبرني أبو العباس أحمد بن الحسن بن محمد القدسي فيما قرأت عليه بمنزله ظاهر القاهرة، أنا إبراهيم بن علي القطبي، أنا أبو الفرج بن عبد المنعم، أنا أبو الكارم اللبان في كتابه، أنا أبو علي المقرئ، أنا أبو نعيم في الحلية، ثنا حبيب بن الحسن، ثنا يوسف القاضي، ثنا محمد بن أبي بكر، ثنا زائدة بن أبي الرقاد، ثنا زياد النميري، عن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا)) قالوا: [يا رسول الله] وأنى لنا برياض الجنة في الدنيا؟ قال: ((إنها مجالس الذكر (حلق الذكر)).
هذا حديث غريب من هذا الوجه، وهي متابعة جيدة.
وبه إلى أبي نعيم ثنا أبو عمرو بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا محمد بن أبي بكر، ثنا زائدة بن أبي الرقاد، عن زياد النميري، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((إن لله سيارة من الملائكة يطلبون حلق الذكر، فإذا أتوا عليهم حفوا بهم وبعثوا [ثم يبعثون] رائدهم إلى السماء إلى رب العزة سبحانه، فيقولون: [يا ربنا] وهو أعلم، أتينا عبادا [من الصالحين] من عبادك يعظمون آلاءك، ويتلون كتابك، ويصلون على نبيك، ويسألونك بآخرتهم
صفحة ٢٤
[المجلس (3)]
[لآخرتهم] ودنياهم، فيقول [ربنا تعالى] غشوهم رحمتي، هم القوم، لا يشقى بهم جليسهم)).
هذا حديث غريب، أخرجه البزار عن أحمد بن مالك القشيري عن زائدة بن أبي الرقاد.
فوقع لنا بدلا عاليا.
وقال: تفرد به زائدة، ولم يكن به بأس، وإنما نكتب من حديث ما لم نجده عند غيره انتهى.
وفي كلامه تدافع، وقد قال البخاري: إنه منكر الحديث، وضعفه جماعة.
وأبوه بضم الراء وتخفيف القاف وآخره دال مهملة.
وشيخه فيه ضعف أيضا.
لكن لهذا الحديث أصل أصيل، أخرجه البخاري ومسلم مطولا من حديث أبي هريرة، وسيأتي إن شاء الله تعالى.
(3)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم كثيرا.
ثم حدثنا قاضي القضاة شيخ الإسلام المشار إليه إملاء من حفظه ولفظه، وقراءة من المستملي المذكور عليه كعادته في يوم الثلاثاء ثاني عشر من صفر من شهور سنة سبع وثلاثين وثمانمئة قال وأنا أسمع:
صفحة ٢٥
أخبرني أبو العباس أحمد بن علي بن قاضي الحصن، قال: قرئ على أم محمد الحرانية ونحن نسمع، عن أبي محمد البلداني سماعا، أنا أبو القاسم بن بوش، أنا أبو طالب بن يوسف، أنا أبو محمد الأزجي، أنا أبو محمد بن الوضاح، ثنا جعفر بن محمد بن المستفاض، حدثني الفضل بن مقاتل البلخي، ثنا زيد بن الحباب، ثنا حميد مولى ابن علقمة المكي، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر الصديق رضي الله عنه: ((يا أبا بكر! إذا مررت برياض الجنة فارتع فيها)) قال: وما الرتع فيها يا رسول الله؟ قال: ((سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر)).
هذا حديث غريب، أخرجه الترمذي عن إبراهيم بن يعقوب عن زيد بن الحباب بهذا الإسناد، وسياقه أتم، وخالف في تعيين السائل، ولفظه: ((إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا فيها)) قلت: وما رياض الجنة؟ قال: ((المساجد)) قلت: وما الرتع فيها؟ فذكره.
ورواته ثقات إلا حميد المكي، فإنه مجهول، ولم يرو عنه إلا زيد بن الحباب.
وجاء بقية الحديث عن أبي هريرة مطولا من وجه ثابت.
وبهذا الإسناد إلى جعفر بن محمد، ثنا أمية بن بسطام، ثنا يزيد بن زريع (ح).
وقرأت على أم عيسى الأسدية، عن علي بن عمر الواني سماعا وهي آخر من حدث عنه بالسماع، أنا عبد الوهاب بن ظاهر، أنا الحافظ أبو طاهر السلفي، أنا القاسم بن الفضل الثقفي، أنا أبو حازم العبدري، ثنا إسماعيل بن نجيد، ثنا محمد بن إبراهيم البوشنجي، ثنا أمية، ثنا يزيد، ثنا روح بن القاسم، عن سهيل (ح).
صفحة ٢٦
وقرأته عاليا على أبي الفرج بن حماد، أن أحمد بن منصور الجوهري أخبرهم، أنا علي بن أحمد السعدي، أنا أبو المكارم اللبان في كتابه، أنا الحسن بن أحمد، أنا أحمد بن عبد الله، أنا عبد الله بن جعفر، ثنا يونس بن حبيب، ثنا أبو داود الطيالسي، ثنا وهيب بن خالد، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله ملائكة سيارة يلتمسون مجالس الذكر، فإذا أتوا عليهم حفوا بهم بأجنحتهم، ما بينهم وبين سماء الدنيا، فإذا تفرقوا عرجوا إلى ربهم، فيسألهم وهو أعلم: من أين جئتم؟ فيقولون: جئنا من عند عباد لك يسبحونك ويحمدونك ويكبرونك ويهللونك، ويسألونك جنتك ويستعيذونك من نارك، قال: وهل رأوا جنتي وناري؟ قالوا: لا، قال: فكيف بهم لو رأوهما؟ أشهدكم أني قد غفرت لهم وأعطيتهم ما سألوا، فيقال: إن فيهم رجلا ليس منهم، إنما جاء لحاجة، فيقول: هم القوم لا يشقى بهم جليسهم)).
هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم عن محمد بن حاتم، عن بهز بن أسد، عن وهيب بن خالد.
فوقع لنا عاليا بدرجتين.
وأخرجه البخاري من رواية الأعمش، عن أبي صالح، وسياقه أتم، وأشار إلى طريق سهيل تعليقا.
وأخرجه أبو عوانة عن يونس بن حبيب.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه أيضا عن عباس الدوري عن أمية بن بسطام بالسند الأول.
صفحة ٢٧
[المجلس (4)]
فوقع لنا بدلا عاليا.
[[وروينا في صحيح مسلم، عن معاوية رضي الله عنه أنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على حلقة من أصحابه فقال: ((ما أجلسكم؟)) قالوا: جلسنا نذكر الله تعالى ونحمده على ما هدانا للإسلام ومن به علينا، قال: ((آلله ما أجلسكم إلا ذاك؟)) قالوا: والله، ما أجلسنا إلا ذاك، قال: ((أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، ولكنه أتاني جبريل فأخبرني أن الله تعالى يباهي بكم الملائكة)).
وروينا في صحيح مسلم أيضا، عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما: أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا يقعد قوم يذكرون الله تعالى إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله تعالى فيمن عنده)).]]
(4)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثم في يوم الثلاثاء خامس ربيع الأول من شهور سنة سبع وثلاثين وثمانمئة، حدثنا سيدنا ومولانا قاضي القضاة شيخ الإسلام المشار إليه إملاء كعادته، قال وأنا أسمع:
صفحة ٢٨
قوله : (وروينا في صحيح مسلم عن معاوية).
أخبرني أبو محمد عبد الله بن خليل الحرستاني ثم الصالحي بها رحمه الله، أنا أحمد بن محمد الزبداني، وأبو بكر بن محمد بن عبد الجبار، قالا: أنا محمد بن إسماعيل بن أبي الفتح، قال: قرئ على فاطمة بنت سعد الخير ونحن نسمع، أن زاهر بن طاهر أخبرهم، قال: أنا محمد بن عبد الرحمن، أنا محمد بن أحمد النيسابوري، ثنا أحمد بن علي بن المثنى، ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي (ح).
وبالسند الماضي إلى أبي نعيم في المستخرج، ثنا محمد بن أحمد بن الحسن، وحبيب بن الحسن، وأبو بكر الطلحي، قال الأولان: ثنا يوسف بن يعقوب القاضي، ثنا أبو الوليد الطيالسي. وقال الثالث: ثنا عبيد بن غنام قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قالوا: ثنا مرحوم بن عبد العزيز العطار، ثنا أبو نعامة السعدي، عن أبي عثمان النهدي، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: خرج معاوية على حلقة في المسجد فقال: ما يجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام، ومن علينا به، قال: آلله ما أجلسكم إلا ذلك؟ قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذلك، قال: أما أني لم أستحلفكم تهمة لكم، ولم يكن أحد بمنزلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم أقل حديثا عنه مني، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على حلقة من أصحابه فقال: ((ما يجلسكم؟)) قالوا: جلسنا نذكر الله تبارك وتعالى نحمده على ما هدانا للإسلام ومن علينا به، قال: ((آلله ما يجلسكم إلا ذلك؟)) قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذلك، قال: ((لم أستحلفكم تهمة لكم، ولكن جبريل أتاني فأخبرني أن الله تبارك وتعالى يباهي بكم الملائكة)).
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن ابن أبي شيبة.
صفحة ٢٩
وأخرجه ابن حبان عن أحمد بن علي بن المثنى.
فوافقناهما فيهما بعلو.
وأخرجه أبو عوانة عن محمد بن علي بن ميمون عن أبي الوليد الطيالسي.
فوقع لنا بدلا عاليا.
وأخرجه الترمذي عن محمد بن بشار، والنسائي عن سوار العميري، كلاهما عن مرحوم.
قال الترمذي: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وأبو نعامة عمرو بن عيسى. انتهى.
قال المزي في ((الأطراف)): كذا قال، وهو وهم، إنما هو عبد ربه كما تقدم، وأما عمرو بن عيسى فهو أبو نعامة العدوي، وهو شيخ آخر.
قلت: أشار بقوله كما تقدم إلى ما ساقه في مسلم فقال: حدثني أبو نعامة عبد ربه السعدي، لكن لم أقف في شيء من نسخ مسلم على تسميته، وإنما عنده كما عند غيره عن أبي نعامة السعدي من غير مزيد.
وقد ذكر المزي في ((التهذيب)) عن يحيى بن معين قال: اسمه عبد ربه. وعن ابن حبان قال: يقال: اسمه عمرو، والله أعلم.
قوله: ((وروينا فيه أيضا عن أبي سعيد وأبي هريرة)).
صفحة ٣٠
أخبرني أبو محمد إبراهيم بن محمد الدمشقي بالمسجد الحرام رحمه الله، قال: أنا أحمد بن أبي طالب، أنا إبراهيم بن عثمان الكاشغري في كتابه، أنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي، وأبو الحسن علي بن عبد الرحمن، قالا: أنا مالك بن أحمد، أنا أبو الحسن بن الصلت، أنا إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، ثنا خلاد بن أسلم، قال: ثنا النضر بن شميل (ح).
وبالسند الماضي إلى أبي نعيم، ثنا عبد الله بن جعفر، وحبيب بن الحسن، قال الأول: ثنا يونس بن حبيب، ثنا أبو داود الطيالسي. وقال الثاني: ثنا يوسف القاضي، ثنا حفص بن عمر، قالوا: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق -هو السبيعي- قال: سمعت الأغر يقول: أشهد على أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا يقعد قوم يذكرون الله تعالى إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، وتنزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده)).
هذا حديث صحيح أخرجه مسلم عن محمد بن بشار، عن محمد بن جعفر، عن شعبة.
فوقع لنا عاليا بدرجتين.
وأخرجه أبو عوانة عن يونس بن حبيب.
فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه مسلم أيضا، والترمذي من رواية الثوري، والنسائي من رواية عمار بن رزيق، وابن حبان من رواية أبي الأحوص، كلهم عن أبي إسحاق.
صفحة ٣١
وله طريق أخرى عن أبي هريرة أخرجها مسلم في أثناء حديث.
وبه إلى أبي نعيم قال: ثنا أبو عمرو بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب الآخرة يوم القيامة)) فذكر الحديث. وفيه ((وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يذكرون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا تنزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده)).
أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة على الموافقة، والله أعلم.
[[وروينا في صحيحي البخاري ومسلم، عن عائشة رضي الله عنها قالت: نزلت هذه الآية {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} في الدعاء.
فصل: قال الله تعالى: {إن المسلمين والمسلمات} إلى قوله تعالى:
{والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما}.
وروينا في صحيح مسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((سبق المفردون، قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟! قال: الذاكرون الله كثيرا والذاكرات)).]]
صفحة ٣٢
[المجلس (5)]
(5)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
ثم حدثنا شيخنا قاضي القضاة المشار إليه إملاء من حفظه ولفظه كعادته في يوم الثلاثاء ثاني عشر ربيع الأول من شهور سنة تاريخه، قال وأنا أسمع:
قوله: (وروينا في صحيحي البخاري ومسلم عن عائشة).
أخبرني أبو علي محمد بن محمد بن علي، أنا أحمد بن أبي طالب، أنا الحسين بن أبي بكر، أنا عبد الأول بن عيسى، أنا عبد الرحمن بن محمد، أنا عبد الله بن أحمد، أنا محمد بن يوسف، أنا محمد بن إسماعيل، ثنا طلق بن غنام، ثنا زائدة، عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها ، في قوله تعالى: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها} قالت: نزلت في الدعاء.
وبه إلى محمد بن إسماعيل ثنا عبيد بن إسماعيل، ثنا أبو أسامة (ح).
وبالسند الماضي إلى أبي نعيم في المستخرج، ثنا أبو بكر النصيببي، ثنا موسى بن إسحاق، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا وكيع، كلاهما عن هشام بن عروة بنحوه.
أخرجه البخاري في كتاب التفسير عن طلق بن غنام، وفي كتاب التوحيد عن عبيد بن إسماعيل كما أخرجته.
صفحة ٣٣
وأخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع وأبي أسامة، وأخرجه من طرق أخرى عن هشام، وهو من أفراده.
وقد جاء عن ابن عباس في نزولها سبب آخر.
أخبرني أبو المعالي الأزهري، أنا أبو العباس الحلبي، أنا أبو الفرج الحراني، أنا أبو محمد الحربي، أنا هبة الله بن محمد، أنا الحسن بن علي، أنا أحمد بن جعفر، ثنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، ثنا هشيم، أنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة إذا صلى رفع صوته، فإذا سمع المشركون القرآن سبوه ومن أنزله ومن جاء به، فنزلت: {ولا تجهر بصلاتك} فيسمع المشركون: {ولا تخافت بها} فلا تسمع أصحابك: {وابتغ بين ذلك سبيلا} بين الجهر والمخافتة.
هذا حديث صحيح، أخرجه البخاري عن يعقوب بن إبراهيم وعن مسدد وحجاج بن منهال وعمرو بن زرارة.
وأخرجه مسلم عن محمد بن الصباح وعمرو الناقد.
وأخرجه الترمذي وابن خزيمة عن أحمد بن منيع.
وأخرجه النسائي وابن خزيمة أيضا عن يعقوب بن إبراهيم سبعتهم عن هشيم.
صفحة ٣٤