النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية

لويس شيخو ت. 1346 هجري
134

النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية

تصانيف

٤ وكما أخذ العرب كثيرًا من أمثالهم عن أسفار العهد القديم كذلك رووا عدة أمثال عن أسفار العهد الجديد ولاسيما الإنجيل الطاهر. فمن ذلك مثل لعلي (ص٢): "أحسن إلى المسيء تسد" فهو صدىً ضعيف لقول الرب في متى (٥: ٤٤): "أحسنوا إلى من يبغضكم لتكونوا بني أبيكم الذي في السموات". ومثله المثل الذي ر واه ابن قتيبة في عيون الأخبار (١: ٣٣٢): "احلم تسد" فإنه كقول الإنجيل (متى: ٥: ٤) "طوبي للودعاء فإنهم يرثون الأرض". وروى الميداني في أمثاله (م١: ٢٩٧): "اسمح يسمح لك" وكذلك روى ابن عبد ربه (١: ٣٢٨) بين أمثال أكثم بن صيفي: "أحسن يحسن إليك" وكلاهما كقول الرب في لوقا (٦: ٣٨): "أعطوا تعطوا" ومثله قول أكثم أيضًا: "ارحم.. ترحم" وقوله: "من بر يومًا بر به" نقل عن تطويبات الرب (متى: ٥: ٧) "طوبى للرحماء فإنهم يرحمون" وكان سليمان قال في أمثاله (١١: ١٧): "ذو الرحمة يحسن إلى نفسه". ومن أقوال الرب الشهيرة (متى ٧:٧ ٨): "واسألوا تعطوا اطلبوا تجدوا اقرعوا يفتح لكم لأن كل من يسأل يعطى ومن يطلب يجد ومن يقرع يفتح له" أخذه العرب فقالوا في أمثلهم: (م١: ٣٠٢): "سائل الله لا يخيب" وقالوا (م١: ٣٨٣): "اطلب تظفر" وقالوا: (م٢: ٢٢٦): "من طلب شيئًا وجده" وقالوا: (م٢: ٤٧): "اقصدي تصيدي" وكذلك نظم صالح بن عبد القدوس هذا المثل فقال (حماسة البحتري ص١٣٤): من يسلَ يعط ومن يستفتح ... م الباب فتحه بطيءٌ أو سريع ومن أقوال السيد المسيح أيضًا (متى: ٧: ١ ٢ ولوقا ٦: ٢٧): "لا تدينوا لئلا تدانوا فإنكم بالدينونة التي بها تدينون تدانون وبالكيل الذي به تكيلون يكال لكم" فقد أخذه العرب بلفظة "كما تدين تدان" هكذا رواه الميداني (٢: ٨٥) وقد رواه ابن عبد ربه (١: ٣٢٨) للأكثم بن صيفي، وروى في التاج (٩: ٢٠٧) لخويلد بن نوفل الكلابي يخاطب الحرث بن شمر: يا حار أيقن أن ملكك زائلٌ ... واعلم بأنّ كما تدين تدان ومثل الكيل رواه الميداني (١: ١٤٨) على هذه الصورة: "جزيته كيل الصاع بالصاع". وقال الرب (متى ٧: ٣ ولوقا ٦: ٤١) لن يعير غيره داء يكون في نفسه اعظم: "ما بالك تنظر القذى الذي في عين أخيك ولا تفطن للخشبة التي في عينك" نقله العرب فقالوا: (م٢: ٨٥): "كيف تبصر القذى في عين أخيك وتدع الخدع المعرض في عينيك". وقال الرب أيضًا (متى ٧: ١٦ ولوقا ٦: ٤٤): "هل يجتنى من الشوك عنب أو من العوسج تين" أخذ العرب فقالوا (م٢: ١٥٢): "لا تجن من الشوك عنبًا" روي لأكثم بن صيفي، وقالوا: "م١: ٤٣٦" في العجز: "أعجز من جاني العنب من الشوك" وقال الشاعر: (م٢: ١٥٢): ٣إذا وترت امرءًا فاحذر عداوته=من يزرع الشوك لا يحصد به العنبا ومن أقواله تعالى: (متى١٩: ٢٤ ومر ١٠: ٢٥) أنه لأسهل أن يدخل الجمل في ثقب الإبرة من أن يدخل غني ملكوت الله، فأخذه العرب وضربوه مثلًا للضيق فقالوا (م١: ٣٧٤): "أضيق من خرت الإبرة وسم الخياط" وضربوه مثلًا أيضًا لصعوبة الشيء فقالوا (م٢: ١٤٤): "لا أفعل كذا وحتى يلج الحمل في سم الخياط" ومثله في القرآن في سورة الأعراف (٧: ٣٨): "لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط". وقال في الإنجيل (لو ٦: ٣٩): "هل يستطيع أعمى أن يقود أعمى أليس كلاهما يسقطان في حفرة" فرووه بين أمثال على (ص١٠٠) على هذه الصورة: "كف يهدي غيره من يضل نفسه". وكذلك رووا لعلي (٦٦): "خير الصدقة إخفاؤها" وكان الرب أعلن في إنجيله (متى ٦: ٣ ٤): "إذا عملت صدقة فلا تعلم شمالك ما تصنع يمينك لتكون صدقتك في خفية وأبوك الذي يرى في الخفية هو يجازيك". ومن أمثال الميداني (١: ٢٧٥٤): "رب زارع لنفسه حاصد سواه" قاله الرب في إنجيله (يوحنا: ٤: ٣٧) إن واحدًا يزرع وآخر يحصد. وللرب في الإنجيل أقوال كثيرة في الصبر كقوله تعالى: "لو ٢١: ١٩" (بصبركم تقتنون أنفسكم)، وقوله (متى: ١: ٢٢): "والذي يصبر إلى المنتهى فذلك يخلص". وقال يعقوب لفي رسالته (١: ٤): "العمل الكامل للصبر" وإلى ذلك أقوال العرب (م١: ١٣٥): "ثمرة الثبر نجح الظفر" وقولهم وه يروونه لأكثم بن صيفي (العقد الفريد ١: ٣٢٩): "عواقب الصبر محمودة" وقول علي (ص٨): "يبشر نفسك بالظفر بعد الصبر" وقوله (ص٢٠): "صبرك يورث الظفر".

1 / 134