النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية

لويس شيخو ت. 1346 هجري
111

النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية

تصانيف

(مريم) هذه صورة أخرى لاسم مريم العذراء. وفيه إشارة أيضًا إلى مريم أخت موسى. وممن تسمى بمريم بين العرب مريم ابنة عثمان من زوجته نائلة ابنة الفرافضة النصرانية (الطبري ١: ٣٠٥٦) وله ابنة أخرى بهذا الاسم من أم عمرو (فيه) . كذلك ذكروا "مريم ابنة إياس الأنصارية" (الاستيعاب٢: ٧٨٢) . وقد تكنى بأبي مريم عدة من العرب منهم أحد بني حنيفة "أبو مريم الذي قتل زيد بن الخطاب" (الاشتقاق ٢٠٩) و"أبو مريم البلوي" (تاريخ الطبري ١: ٢٣٨٥) وقد ورد الاسم على صورة مريام كأبي مريام الأسقف (الطبري: ١: ٢٥٨٤_٢٥٨٥) . (مرينة) أو (مرينا) اسم نصراني لإحدى الصالحات وكان في الحيرة "قوم من أهل الحيرة يقال لهم بنو مرينا ينتسبون إلى لخم وكانوا أشرافًا" (الأغاني ٢: ١٢) وقد عدهم في محل آخر (٨: ٦٤) من "العباديين". (ميكال) هو اسم ميخائيل الملاك الذي مر. وقد ورد في تاج العروس (٩: ١١٩) اسم جد البيت الميكالي بنيسابور فدعاه "ميكال بن عبد الواحد" ورقى نسبه إلى ملوك الفرس. (هِرمز) أو (هرمزد) أحد شهداء النصرانية في العراق وبه تسمى بعض نصارى العرب كهرمز أسقف مدينة عمان الذي حضر المجمع الخلقيدوني وأثبت أعماله بإمضائه. (هود) أحد الأنبياء على ما يقال أرسل إلى العرب ومن المحتمل أنه اسم نصراني وأنه صحّف عن يهوذا أحد رسل المسيح الذي يذكره القدماء كداعي العرب إلى النصرانية. ولعل اسم "هوذة"صورة أخرى لهذا الاسم عرف به هوذة بن علي ذو التاج أحد بني حنيفة النصارى الذي ذكرناه سابقًا. (الهيجمانة) كذا دعاها المسعودي في مروج الذهب (٣: ١٩٩ و٤٥١) وسماه الطبري (١: ٨٨٢) الجيجمانة وهي أم ملك الحيرة النعمان بن امرؤ القيس وقال الطبري أنها كانت ابنة عمرو بن أبي ربيعة بن ذهل. واسمها أعجمي يوافق اليونانية (يوجد سريانية) ومعناها الرئيسة والسيدة. (يحنّه) اسم نصراني شهير. وقد اشتهر به ملك أيلة "يحنّه بن رؤبة" الذي كتب إليه رسول الإسلام يدعوه إلى طاعته (راجع كتاب الوفود لابن سعد ٢٧: ١٧ ed. Wellhausen) وكتبه الطبري (١: ٢٣٧٤) "يوحنة بن رؤبة". وورد في التاج (٩: ١٨٥) اسم "حنة" كوالد عمرو الصحابي وهي صورة أخرى للاسم ذاته. (يونس) مرّ بك أنه تعريب اسم يونان النبي. ولا نشك في أنه اسم يوحنا على لفظه اليوناني فشأنه أن يحرّك يُوِنّس. (يوجد سرياني) لاسيما إذا كان المتسمون به من النصارى وتجد في تاريخ نصارى العراق ممن دعوا بهذا الاسم وهم يكتبونه يوانيس (راجع تاريخ ماري بن سليمان ص٧٦ و٨٣ و٩٩) وقد ذكر ياقوت (٢: ٧١٠) بين أديار مصر "دير يُحنّس" وهو أقرب إلى الأصل. ٤ الأعلام النصرانية الوصفية والمعدل به والمعربة هو الضرب الأخير من الأسماء التي تسمى بها بعض نصارى العرب في الجاهلية فمها ما هو صفة محضة كصفات شائعة وفي زماننا مثل نجيب وأنيس إلا أنها أدل على أحوال النصارى ومعتقداتهم. ومنها ما عدل به عن منهوت نصراني أو نقل معناه إلى العربية ولا نطرق هذا الباب ألا بكل حذر لئلا ينسبنا القارئ إلى المبالغة ولعل غيرنا يتسع فيه. (امرؤ القيس) لا بدع أن بعض نصارى الجالية دعوا بهذا الاسم ولعل أقدمهم هو امرؤ القيس المعروف بالبدء الذي كان ذكر ابن الكلبي وابن خلدون (راجع الجزء الأول ص٧٧) أنه أول من تنصر من ملوك آل نصر في العراق. ومنهم امرؤ القيس الشاعر الكندي الذي أثبتنا نصرانيته في مقالة سابقة ردًا على حضرة الأب انستاس (المشرق ٨ [١٩٠٥]: ٩٩_١٠٠٦) . ولعل سائلًا يسأل وما أصل هذا الاسم قد أجاب الكاتب المتفنن جرجي أفندي زيدان في "كتاب العرب قبل الإسلام" (ص١٦٦) أن هذا العلم أحد الأسماء "التي اقتبسها العرب من الأمم المجاورة لهم كاليونان والسريان وقد حرفوها" (قال): "فامرؤ القيس مثلًا نظنه تحريف ماركوس (مرقس) وربما تعمدوا تحريفه ليكون له صبغة عربية ... ويؤيد ذلك أن هذا الاسم (امرؤ القيس) لم يكن معروفًا عند العرب قبل النصرانية أو قبل مجاورتهم اليونان". هذا رأي رصيفنا جرجي أفندي ويا ليته صحيح لكنه لا يقنعنا والمرجح ما يقوله المستشرقون أن الاسم مركب من "امرؤ" و"قيس" أي رجل قيس أو عابد قيس من معبودات العرب القديمة وقد بقي الاسم مع سقوط معناه الوثني. والله أعلم.

1 / 111