البيت الطاهر وأجلة التابعين.
(المقام الثاني)
في بيان فساد الشبه التي توقفت بها الفرقة الثانية عن استباحة لعنه واعلان بغضه كما سترى ذلك موضحا ان شاء الله.
مقدمة في حقيقة اللعن وأنواعه
ولنقدم هاهنا على ذلك كله بيان حقيقة اللعن وتفاوت مراتبه بأختلاف موجباته فاللعن لغة هو الطرد والابعاد قال المجد في القاموس: لعنه كمنعه طرده وأبعده فهو لعين وملعون وقال فيه: ابعده الله نحاه عن الخير ولعنه وفيه أيضا الطرد ويحرك الابعاد (انتهى).
ويفهم من هذا ان اللعن والطرد والابعاد مترادفة أو متقاربة جدا وهو ظاهر ثم هذا الطرد والابعاد لا يختص بوقوعه على الكفار فقط كما زعم ذلك طائفة من العلماء لان الله سبحانه وتعالى لعن كثيرا من أهل الذنوب التي ليست من المكفرات وقد لعن الله تعالى القاذفين للمحصنات الغافلات المؤمنات في قوله تعالى ان الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوافي الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم وافضل وأعف من قذف منهن عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها ومن قاذفيها حسان بن ثابت وهو من قد علمت ومسطح بن اثاثة وهو بدري وقد حدهما النبي صلى الله عليه وآله ولو كان اللعن من الله أو من رسوله مدخلا للمسلم في زمرة الكفار لكان الواجب على القاذف القتل لا الحد وقد لعن النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله كثيرا من مرتكبي الصغائر التي لا توجب حدا ولا تعزيرا كلعنه الواشمة والمستوشمة وزوارات القبور ويظهر من ذلك جليا ان من اللعن ما هو مغلظ وشديد كاللعن بسبب الكفر والنفاق والكبائر من الذنوب كقتل المؤمن
--- [ 24 ]
صفحة ٢٣