============================================================
فمسكوا عن بكرة أبيهم(1) وأوقدت لهم النار بالأحطاب فى جورة كانت بالقلعة التي بناها دارا للملك السعيد، وأراد إحراقهم(2)، فاشتراهم الحبيس الراهب بخمسمائة ألف دينار، يقومون منها فى كل سنة بخمسين ألف دينار(3).
وكان هذا - الحبيس فى مبدأ أمره كاتبا فى صناعة الإنشاء، ثم ترهب وانقطع فى جبل حلوان، فيقال: إنه وجد فى مغارة مالا كان للحاكم العبيدي - أحد الخلفاء المصريين فلما حصل له هذا المال رفد به الفقراء والصعاليك من سائر الأديان، فاتصل خبره بالسلطان الملك الظاهر، فأحضره وطلب منه المال، فقال له: إن طلب السلطان منى شيئا أدفعه من يدى فلا، ولكنه يصل إليك من جهة من تصادره وهو لا يقدر على ما يطلب منه، فإنى أعطيه وأساعده على خلاص نفسه منك، فلا تعجل. فلما كانت هذه الواقعة، ضمنهم من السلطان بذلك المال المقرد على النصارى، -114 لذلك بقوهما: ... وشاع الخبر أن النصارى يفعلون ذلك لأجل ما فعله السلطان ببلاد الفرنج من إحراق الكنائس".
(1) الوارد فى نهاية الأرب -ج30 ص114 - للنويرى: ... فجمع السلطان عند عوده من الشام النصارى واليهود، وأنكر عليهم هذه الأمور التي تفسخ عهودهم، وأمر بتحريقهم. فجمع منهم عالم كثير تحت القلعة وأحضرت الأحطاب والحلفاء، فسأل أهل الذمة مراحم السلطان، فقررعليهم حمل خمسماثة ألف دينار إلى بيت مال المسلمين، والتزم بتوزيعها واستخراجها بطرك النصارى، والتزموا اتهم لا يعودون إلى شيء مما كانوا يعتمدونه من المنكرات، ولا يخرجون عن الذمة وشرطها، وحمل المال المقرر شيئا بعد شيء". وفى السلوك للمقريزى ج1 ص535: 1... فلاذوا بعفوه، وسألوا المن عليهم.
وتقدم الأمير فارس الدين أقطاى - أتابك العساكر - فشفع فيهم، على أن يلزموا بالأموال التي احترقت، وأن يحملوا إلى بيت المال خمسين ألف دينار. فأفرج عنهم، وتولى البطرك (اثناسيوس الثالث]) توزيع المال، والتزموا آن لا يعودوا إلى شيء من المنكرات، ولا يخرجواعما هو مرتب على أهل الذمة، وأطلقوا".
(2) أرخ اليونينى ذيل مرآة الزمان ج2 ص 321 - ذلك بيوم الأربعاء، ثامن عشر شعبان.
(3) العسقلانى. حسن المناقب ص 198، النويرى . نهاية الأرب ج30 ص 114 ، الذهبى، تاريخ الإسلام ج15 ص12، ابن كثير. البداية والنهايه ج 17 ص 461، المقريزى.
السلوك ج1 ص535.
139
صفحة ١٣٩