تعالى واحد مغاير لهذه المعاني وذهب آخرون إلى تعدده. (1) والذين أثبتوا وحدته خالفوا جميع العقلاء في إثبات شيء لا يتصورونه هم ولا خصومهم ومن أثبت لله تعالى وصفا لا يعقله ولا يتصوره هو ولا غيره كيف يجوز أن يجعل إماما يقتدى به ويناط به الأحكام
المطلب الثالث في حدوثه
العقل والسمع متطابقان على أن كلامه تعالى محدث ليس بأزلي لأنه مركب من الحروف والأصوات ويمتنع اجتماع حرفين في السماع دفعة واحدة فلا بد أن يكون أحدهما سابقا على الآخر والمسبوق حادث بالضرورة والسابق على الحادث بزمان متناه حادث بالضرورة وقد قال الله تعالى ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث . (2) وخالفت الأشاعرة جميع العقلاء في ذلك فجعلوا كلامه تعالى قديما لم يزل معه وأنه تعالى في الأزل يخاطب العقلاء المعدومين. وإثبات ذلك في غاية السفه والنقص في حقه تعالى فإن الواحد منا لو جلس في بيت وحده منفردا وقال يا سالم قم ويا غانم اضرب ويا سعيد كل ولا أحد عنده من هؤلاء عده كل عاقل سفيها جاهلا عادما للتحصيل فكيف يجوز منهم نسبة هذا الفعل الدال على السفه والجهل والحماقة إليه تعالى.
(1) القائل بالتعدد مع القدم في كلامه تعالى هم الكرامية والحنابلة، وقد بالغ فيه بعض الحنابلة، حتى قال جهلا: الجلد والغلاف قديمان، فضلا عن المصحف، والقائل بالوحدة في كلامه هم سائر أهل السنة. راجع: شرح التجريد للقوشجي ص 254، وشرح العقائد، وحاشية الكستلي ص 89 و91.
(2) الأنبياء: 2.
صفحة ٦١