ولنا خلاف في أن أولاد من عقدت لهم الذمة إذا بلغوا، وصاروا 14أمن أهل أن تعقد لهم، فهل يجري عليهم حكم العقد مع آبائهم، أم يحتاجون إلى عقد جديد، كما احتاج إليه آباؤهم؟ والأخير هو الذي قال الشيخ العلامة الورع الزاهد أبو إسحاق، صاحب التنبيه (¬1) أنه ظاهر نص الشافعي رحمه الله على خلاف ما قاله بعض المراوزة (¬2)، ومن تبعه، وهو من العراقيين الذين هم أقعد بنقل نصوص الشافعي من المراوزة، وقد جرى على الأخذ بظاهر النص المذكور، منهم القاضي أبو الطيب (¬1)، والشيخ أبو حامد (¬2)، وهما شيخا العراقيين رحمهم الله تعالى ولا جرم، قال البندنيجي (¬3) في التعليق: وسلم في المجرد أنه المذهب، وعزاه ابن الصباغ (¬1) إلى نصه في الأم، وصححه واختاره /14ب الشيخ العلامة ابن أبي عصرون (¬2)، شيخ الشام في زمانه في كتابه المسى بالمرشد، وإذا كان كذلك فلا بد من عقد الذمة لهم، حتى لو أبوا ذلك، كانوا في حكم الناقضين للعهد، كما هو مبين في بابه، ولا يجوز أن تعقد لهم الذمة، ويدخل فيها ما هو موجود من البيع والكنائس، التي وقع الشك والاحتمال في حدوثها قبل الفتح أو بعده، وإذا حصل الشك في التقدم على الفتح، أو التأخر عنه، أو في أن الفتح كان بالصلح أو غيره، لم يوجد ذلك، فلا يجوز بسببه الإقدام على ذلك، وهذه قاعدة مستقرة في الشرع، أنه متى وجد الشك في شرط الشيء، لا يجوز فعله، ولا يثبت، وقد وجد هاهنا، وإن قيل: لا نسلم أن القدم شرط، بل الحدوث بعد الفتح هو المانع، وقد وقع الشك / فيه 15 أومن القواعد (¬1) المستقرة أنه إذا وقع الشك في المانع، رتب الحكم، فوجب أن يجوز العقد لهم لأجل ذلك.
قلت: عن ذلك جوابان:
أحدهما: أن الشيخ سيف الدين الآمدي (¬2) قال: ما كان وجوده مانعا، كان عدمه شرطا، وحينئذ يعود ما سلف، ويصح أن تمنع القاعدة المذكورة في أنا إذا شككنا في المانع، رتبنا الحكم، لأن الأصل عدمه.
صفحة ٢٦