الموازنة بين شعر أبي تمام و البحتري

الآمدي ت. 370 هجري
181

الموازنة بين شعر أبي تمام و البحتري

الناشر

مكتبة الخانجي - الطبعة الأولى

مكان النشر

١٩٩٤ م

أليس ورائي إن تراخت منيتي ... لزوم العصي تحنى عليها الأصابع بمعنى أليس أمامي؛ لأنه قال ذلك قبل أن يرى ويشاهد نفسه وقد لزم العصاء وقد قال الله ﷿: " وكان وراءهم ملكٌ يأخذ كل سفينةٍ غصبا " قالوا: إنه كان أمامهم، وصلح ذلك لأنهم لم يعاينوه ولم يشاهدوه. فقد وضح لك الآن معنى " دون " وأنها لا تخرج عن بابها الذي وضعت له، ألا ترى أنك تقول: نزلت في القرية دون النخل؛ فيجوز أن تكون القرية أمام النخل، وخلفه، وأن يكون المعنى أنك أفردت القرية بنزولك، ولم تعرج على النخل، وكذلك " لقيت زيدًا دون عمرو " و" أكلت السمك دون اللبن " أخرجت عمرًا من لقائك، واللبن من أكلك، وكذلك قول الطائي " دون الأقرب " قد أخرجهم من العرف، وهذا لا شيء أوضح منه. وقد حمل بعضهم نفسه على أن قال: " إنما " أراد الطائي " لكن عرفه في الأبعد الأوطان دون عرفه في الأقرب " وهذا من أفحش الخطأ؛ لأن قوله: " دون الأقرب " مثل قولك: " ودى لزيد دون عمرو "؛ فليس معناه كمعنى قولك: ودى لزيد دون ودى لعمرو؛ لأنك في الأول قد أخرجت عمرًا من الود وأفردت زيدًا به، وفي الثاني جعلت

1 / 183