وقال مسعر بن كدام الهلالي لابنه:
ولقد منحتك، يا كدام، نصيحتي، ... فاسمع لقول أب عليك شفيق
أما المزاحة والمراء فدعهما، ... خلقان لا أرضاهما لصديق
إني بلوتهما، فلم أحمدهما ... لمجاور جاورته، ورفيق
وكان سعيد بن العاص يقول: لا تمازحن الشريف فيحقد عليك، ولا الدنيء فيجترئ عليك.
وقد تواترت بالنهي عن ذلك الأخبار، وتكاثفت فيه الأشعار، ولعمري إن ترك ما نهى عنه ذوو الأدب، من المداعبة واللعب، أولى بذي النهية والأرب. وقد يجب على العاقل الأديب أن ينتقي إخوانه، ويتخير أخدانه، ويفتش عن الأصحاب، ويجالس ذوي الألباب، ويستخلص أهل الفضل، وأهل المروءات والعقل، فإنها محنة الأدباء، وفراسة العلماء، وإنما يعرف الرجل بأشكاله، ويقاس بأمثاله، ويوسم بأخدانه، وينسب إلى أقرانه. وقد شرحت في ذلك جملة من الآثار، وما روي فيه من النتف والأخبار، فقف عليه يبن لك ما فيه، إن شاء الله تعالى.
الأمر باختيار الإخوان
وانتخاب الأقران والأخدان
روي عن النبي، ﷺ، قال: اختبروا الناس بإخوانهم، فإن الرجل يخادن من يعجبه نحوه. وقال مجاهد: إني لأنتقي الإخوان كما أنتقي أطايب الثمر. وقال بعض الشعراء:
1 / 15