مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن
محقق
مرزوق علي إبراهيم
الناشر
دار الراية
رقم الإصدار
الأولى ١٤١٥ هـ
سنة النشر
١٩٩٥ م
تصانيف
الجغرافيا
فَأَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ كُلَّ ذُرِّيَّةٍ ذَرَأَهَا، فَنَثَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالذَّرِّ، ثُمَّ كَلَّمَهُمْ قَبْلا، قَالَ: ﴿ألست بربكم قالوا بلى شهدنا﴾ .
وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْمَكَانَ أَوَّلُ وَطَنٍ، وَالنَّفْسُ أَبَدًا تُنَازِعُ إِلَى الْوَطَنِ، وليس لقائل أن يقول: فهذا شَيْءٌ لا تَتَخَايَلُهُ النَّفْسُ، فَكَيْفَ تَشْتَاقُ إِلَيْهِ؟ لأن النفس قد كانت في أحوال وتقلبت فَنَسِيَتْ، كَمَا أَنَّ الَإِنْسَانَ قَدْ يَمِيلُ إِلَى شخص ولا يدري لم، ثم يظهر بينهما تشاكل أوجب ذلك أو مناسبة، ثُمَّ لَيْسَ نِسْيَانُ النَّفْسِ لِذَلِكَ الْعَهْدِ بِأَعْجَبَ مِنْ نِسْيَانِهَا لِلْعَهْدِ، وَالْأَوْطَانُ أَبَدًا مَحْبُوبَةٌ.
٣٠- وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، أنه لما سافر إلى المدينة فتذكر مَكَّةَ فِي طَرِيقِهِ، فَاشْتَاقَ إِلَيْهَا، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ:
أَتَشْتَاقُ إِلَى بَلَدِكَ وَمَوْلِدِكَ؟ قَالَ:
«نَعَمْ» .
قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿إِنَّ الَّذِي فرض عليك القرآن لرادك إلى معادٍ﴾ .
1 / 102