مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن
محقق
مرزوق علي إبراهيم
الناشر
دار الراية
رقم الإصدار
الأولى ١٤١٥ هـ
سنة النشر
١٩٩٥ م
تصانيف
الجغرافيا
باب ذكر تعظيم حرمة الحرم
قال الله ﷿: ﴿ومن دخله كان آمنًا﴾ لَفْظُ هَذِهِ الْآيَةِ لَفْظُ الْخَبَرِ وَمَعْنَاهَا الْأَمْرُ، وَالتَّقْدِيرُ: وَمَنْ دَخَلَهُ فَأَمِّنُوهُ، وَهُوَ لَفْظٌ عَامٌّ فِيمَنْ جَنَى قَبْلَ دُخُولِهِ أَوْ بَعْدَ دُخُولِهِ، إِلا أَنَّ الْإِجْمَاعَ انْعَقَدَ عَلَى أَنَّ مَنْ جَنَى فِيهِ لا يُؤَمَّنُ لِأَنَّهُ هَتَكَ حُرْمَةَ الْحَرَمِ وَرَدَّ الْأَمَانَ، فَبَقِيَ حُكْمُ الْآيَةِ فِيمَنْ جَنَى خَارِجًا مِنْهُ ثُمَّ لَجَأَ إِلَيْهِ.
وَقَدِ اختلف الفقهاء في ذلك:
فقال أحمد: رِوَايَةِ الْمَرْوَزِيِّ: إِذَا قَتَلَ، أَوْ قَطَعَ يَدًّا أَوْ أَتَى حَدًّا فِي غَيْرِ الْحَرَمِ ثُمَّ دَخَلَهُ، لَمْ يُقَمْ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَلَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ، وَلَكِنْ، لا يُبَايَعْ وَلا يُشَارَى وَلا يُؤَاكَلْ حَتَّى يَخْرُجَ.
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: إذا قتل ثم لجأ، لم يُقْتَلُ، وَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ، فإنه يقام عليه الحد وبه قال أبو حنيفة.
وقال مالك والشافعي: يقام عليه الحد في النفس وفيما دُونَ النَّفْسِ، وَفِي الْآيَةِ دَلَيلٌ عَلَى صِحْةِ مَذْهَبِنَا، وَقَدْ أَلْهَمَ اللَّهُ ﷿ الْحَيَوَانَ البهيم
1 / 191