285

المتواري علي تراجم أبواب البخاري

محقق

صلاح الدين مقبول أحمد

الناشر

مكتبة المعلا

مكان النشر

الكويت

قلت: رَضِي الله عَنْك! إِن قيل: ترْجم على تَقْدِيم الدّين على الْوَصِيَّة، فَمَا وَجه ذكر حَدِيث العَبْد، وَحَدِيث حَكِيم.
قُلْنَا: أما حَدِيث العَبْد فَأصل ينْدَرج تَحْتَهُ مَقْصُود التَّرْجَمَة، لِأَنَّهُ لما تعَارض فِي مَاله حَقه وَحقّ السَّيِّد، قدم الْأَقْوَى وَهُوَ حق السَّيِّد، وَجعل العَبْد مسئولًا عَنهُ مؤاخذًا بحفظه.
وَكَذَلِكَ حق الدّين لما عَارضه حق بِالْوَصِيَّةِ. وَالدّين وَاجِب وَالْوَصِيَّة تطّوع وَجب تَقْدِيمه.
أما حَدِيث حَكِيم فَيحْتَمل مطابقته وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن النَّبِي -[ﷺ]- زهده فِي قبُول الْعَطِيَّة. وَجعل يَد آخذها الْيَد السُّفْلى - تنفيرًا عَن قبُولهَا. وَلم يرد مثل هَذَا فِي تقاضي الدّين. فَالْحَاصِل أَن قَابض الْوَصِيَّة يَده السُّفْلى. وقابض الدّين اسْتِيفَاء لحقه، إِمَّا أَن تكون يَده الْعليا لِأَنَّهُ المتفضل، وَإِمَّا أَن تكون يَده السُّفْلى. هَذَا أقل حاليه فتحقق تَقْدِيم الدّين على الْوَصِيَّة بذلك. وَالْوَجْه الآخر من الْمُطَابقَة ذكره الْمُهلب، وَهُوَ أَن عمر ﵁ اجْتهد أَن يُوفيه حَقه فِي بَيت المَال، وَبَالغ فِي خلاصه من عهدته. وَهَذَا لَيْسَ دينا، وَلَكِن فِيهِ شُبْهَة بِالدّينِ لكَونه حَقًا فِي الْجُمْلَة. وَالْوَجْه الأول أقوى فِي مَقْصُود البُخَارِيّ عِنْد الفطن. وَالله أعلم.

1 / 317