263

المتواري علي تراجم أبواب البخاري

محقق

صلاح الدين مقبول أحمد

الناشر

مكتبة المعلا

مكان النشر

الكويت

الدِّرْهَم وَالدِّرْهَمَيْنِ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ عَن فلَان، فَإِن أَتَى فلى وعلىّ وَقَالَ: هَكَذَا فافعلوا باللقطة. وَقَالَ ابْن عَبَّاس نَحوه. وَقَالَ الزُّهْرِيّ فِي الْأَسير يعلم مَكَانَهُ: لَا تتَزَوَّج امْرَأَته، وَلَا يقسم مَاله. فَإِذا انْقَطع خَبره فسنّته سنّة الْمَفْقُود.
فِيهِ يزِيد بن خَالِد: إِن النَّبِي -[ﷺ]- سُئِلَ عَن ضَالَّة الْغنم. فَقَالَ: خُذْهَا فَإِنَّمَا هِيَ لَك أَو لأخيك أَو للذئب. وَسُئِلَ عَن ضَالَّة الْإِبِل، فَغَضب حَتَّى احمّرت وجنتاه. فَقَالَ: مَالك وَلها؟ مَعهَا الْحذاء والسقاء، تشرب المَاء وتأكل الشّجر، حَتَّى يلقاها ربّها. وَسُئِلَ عَن اللّقطَة، فَقَالَ: اعرف وكاءها وعفاصها، وعرّفها سنة، فَإِن جَاءَ من يعرفهَا [وَإِلَّا] اخلطها بِمَالك ... ".
قلت: رَضِي الله عَنْك! هَذِه التَّرْجَمَة، وَمَا سَاقه فِيهَا من الْآثَار وَالْأَحَادِيث دَلِيل وَاضح على فَضله ودقّة نظره. وَذَلِكَ أَنه وجد الْأَحَادِيث متعارضة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَقْصُود. فَحَدِيث ضَالَّة الْغنم يدلّ على جَوَاز التَّصَرُّف فِي مَاله فِي الْجُمْلَة وَإِن لم تتَحَقَّق وَفَاته. وينقاس عَلَيْهِ تصرف الْمَرْأَة فِي نَفسهَا بعد إيقاف الْحَاكِم، وتطليقه بِشُرُوطِهِ.
والْحَدِيث عَن ابْن مَسْعُود وَمَا مَعَه يُؤَيّدهُ. ويقابل هَذَا على الْمُعَارضَة حَدِيث ضَالَّة الْإِبِل. فمقتضاه بَقَاء ملكه أبدا حَتَّى يتَحَقَّق وَفَاته بالتعمير أَو غَيره.
وبحسب هَذَا التَّعَارُض اخْتلف الْعلمَاء فِي الْجُمْلَة. وَاخْتَارَ البُخَارِيّ إيقاف الْأَهْل أبدا إِلَى الْوَفَاة يَقِينا أَو التَّعْمِير. ونبّه على أَن الْغنم إِنَّمَا يتَصَرَّف فِيهَا خشيَة الضّيَاع بِدَلِيل التَّعْلِيل فِي الْإِبِل. فالإبل فِي معنى الْأَهْل، لِأَن بَقَاء الْعِصْمَة مُمكن كبقاء الْإِبِل مَمْلُوكَة لَهُ.

1 / 295