ليعبدون ) لا بد معه أن يقدر فيه حذف ليستقيم الكلام ، وهو :
وما خلقت الجن والإنس (1) وما أمرتهم بالطاعة وكلفتهم ( إلا ليعبدون ) لأن بنفس الخلق لا يصح تكليف العبادة. ومتى قرر ذلك حسن أن يعلق به ( ليعبدون )، فإذا قرر مثله فيما ذكروه لم يصح ؛ لأنه لو قال تعالى : ولقد ذرأنا الخلق وأمرناهم بمجانبة الكفر وزجرناهم عنه لجهنم لتناقض القول ؛ لأن ما تقدم يقتضى « أنه خلقهم (2) لا لجهنم ، والثانى يقتضى أنه خلقهم لها ، وهذا فى التناقض كما ترى!
فيجب أن يحمل الكلام على أن المراد به العاقبة ، فكأنه قال : ولقد ذرأناهم والمعلوم أن مصيرهم وعاقبه حالهم « دخول جهنم (3) لسوء اختيارهم ، وهذا كقوله تعالى : ( فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا ) من حيث كان ذلك هو العاقبة وإن كانوا إنما التقطوه ليفرحوا به ويسروا ، وهذا ظاهر فى اللغة والشعر (4).
** 270 مسألة :
، من حيث لا يعلم ، وأنه يمد له فى العمر لذلك ، فقال :
( والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم إن كيدي متين ) [ 182 183 ].
والجواب عن ذلك : أن ظاهره يقتضى أنه يستدرج من كذب بآياته ، ولم يذكر ما يستدرجه إليه ، فلا يصح التعلق به فى أمر مخصوص! ولا ننكر أنه
صفحة ٣٠٦