فقلت له: أما ما أمرتني من الصلاة والزكاة والصيام وحج البيت فإني فاعله، وأما الإمارة فإني رأيت الناس لا يصيبون هذا الشرف وهذا الغنى، وهذه المنزلة عند رسول الله (ص) إلا بها، قال: إنك استنصحتني فجهدت لك نفسي، قال: فلما توفي رسول الله (ص) واستخلف أبا [أبو بكر جئته فقلت: يا أبا بكر ألم تنهني أن أتأمر على اثنين من المسلمين؟
قال: بلى قلت: فما لك تأمرت على أمة محمد، قال: اختلف الناس وخفت عليهم الهلك، ودعوني فلم أجد بدا من ذلك.
فهذا أبو بكر ينهى عن طلب الإمارة حيث لم يطمع فيها، فلما لوح له بها وثب عليها.
ثم يجب على الأمة النظر في هذه الأمور حتى يقف على ما كان من جماعة صحبت رسول الله (ص) ويعرف ميلهم إلى طلب الدنيا، وذكر بعضهم بعضا، وما ارتكبوا بعد وفاة نبيهم فيجعلون فعلهم بعلي ع إحدى المنكرات، وأن من دفع عليا عن حقه، إنما كانوا قوما هتف القرآن بهتكهم، وقوما ما تمكن الإسلام من قلوبهم، وقوما أحبوا الإمرة، واشتهوا الولاية، ولو لا أن الله أوجب معاداة أعدائه، كما أوجب موالاة أوليائه، وحرم (1) على المسلمين تركهما فقال في كتابه:
صفحة ٢٢٠