المساعد على تسهيل الفوائد
للإمام بهاء الدين بن عقيل
تحقيق وتعليق/
د. محمد كامل بركات
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم سهل لنا التسهيل. صلى الله على سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا. قال الإمام العلامة، لسان المتكلمين، ورحلة الطالبين، عبد الله بهاء الدين بن عبد الرحمن بن عقيل. عليه رحمة الملك الجليل، آمين. أما بعد حمد الله على نعمائه، والصلاة والسلام على خاتم أنبيائه محمد سيد المرسلين. وعلى آل محمد وصحبه والتابعين، فهذا تعليق مختصر، جمعته على «تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد» للشيخ العلامة جمال الدين بن مالك. رحمه الله تعالى، يسهل اقتناص شرائده، ويعين على استخراج فوائده. ويتكفل بتكميل عوائده، وتوضيح مقاصده، ومزجته بأصله. حتى صار ككتاب واحد، ليكون هذا الكتاب على الحقيقة تسهيل
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم سهل لنا التسهيل. صلى الله على سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا. قال الإمام العلامة، لسان المتكلمين، ورحلة الطالبين، عبد الله بهاء الدين بن عبد الرحمن بن عقيل. عليه رحمة الملك الجليل، آمين. أما بعد حمد الله على نعمائه، والصلاة والسلام على خاتم أنبيائه محمد سيد المرسلين. وعلى آل محمد وصحبه والتابعين، فهذا تعليق مختصر، جمعته على «تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد» للشيخ العلامة جمال الدين بن مالك. رحمه الله تعالى، يسهل اقتناص شرائده، ويعين على استخراج فوائده. ويتكفل بتكميل عوائده، وتوضيح مقاصده، ومزجته بأصله. حتى صار ككتاب واحد، ليكون هذا الكتاب على الحقيقة تسهيل
1 / 1
الفوائد، وجعلت بين الشرح والأصل هيئة دوارة لغرض الفصل. وإلى الله أرغب في أن يجعله بالنفع عائدًا، وعلى تسهيل الفوائد وتحصيل المقاصد مساعدًا.
فليقلب هذا الكتاب بعونه «بالمساعد على تسهيل الفوائد» وهأنا أبدأ ما ذكرت بخطبة التسهيل. معتمدًا على الله. فهو حسبي ونعم الوكيل.
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
قال الشيخ الإمام العلامة جمال الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله ابن مالك الطائي الجياني، مقيم دمشق، ﵀، حامدًا لله رب العالمين، ومصليًا على محمد خاتم النبيين، وعلى آله وصحابته أجمعين.
هذا كتاب في النحو، جعلته بعون الله مستوفيًا لأصوله، مستوليًا على أبوابه وفصوله، فسميته لذلك "تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد" فهو جدير بأن يلبي دعوته الألباء، ويجتنب منابذته النجباء، ويعترف العارفون برشد المغزى بتحصيله، وتأتلف قلوبهم على تقديمه وتفضيله. فليثق متأمله ببلوغ أمله، وليتلق بالقبول ما يرد من قبله، وليكن لحسن الظن
1 / 2
آلفًا، ولدواعي الاستبعاد مخالفًا، فقلما حلي متحل بالاستبعاد إلا بالخيبة والإبعاد. وإذا كانت العلوم منحًا إلهية، ومواهب اختصاصية، فغير مستبعدٍ أن يدخر لبعض المتأخرين ما عسر على كثير من المتقدمين. أعاذنا الله من حسدٍ يسد باب الإنصاف، ويصد عن جميل الأوصاف، وألهمنا شكرًا يقتضي توالي الآلاء، ويقضي بانقضاء اللاواء، وهأنا ساع فيما انتدبت إليه، مستعينًا بالله عليه، ختم الله لي ولقارئيه بالحسنى، وختم لي ولهم الحظ الأوفى، في المقر الأسنى بمنه وكرمه.
1 / 3
١ - باب شرح الكلمة والكلام وما يتعلق به
(الكلمة لفظ) - هذا جنس مخرج للخط ونحوه، وهو أولى من "لفظةٍ" لوقوعه على كل ملفوظ به، حرفًا كان أو أكثر.
(مستقل) -أخرج به ما هو بعض اسم، كياء النسب نحو: زيدي، أو بعض فعل كألف ضارب، فكل من الياء والألف لفظ دال بالوضع وليس كلمة، لعدم استقلاله، لأنه جزء كلمة.
(دال بالوضع) -أخرج المهمل كديز ورفعج، مقلوب زيد وجعفر، فإنه يدل على صوت الناطق به دلالة عقلية لا وضعية.
(تحقيقًا أو تقديرًا) -كامرئ القيس، فمجموعة كلمة واحدة تحقيقًا، لأن المسمى به لا يدرك إلا بالجزءين، وهو كلمتان تقديرًا، لأنه مركب من مضاف ومضاف إليه. فتصدق الكلمة على المجموع حقيقة، وعلى كل من الجزءين مجازًا، وهو مجاز مستعمل عند النحاة بخلاف صدق الكلمة على الكلام نحو كلمة الإخلاص، وكلمة لبيد، فإنه مجاز مهمل عندهم.
(أو منوي معه كذلك) -منوي صفة لمحذوف، التقدير: الكلمة لفظ صفته ما ذكر، أو غير لفظٍ منوي مع اللفظ، وأشار بقوله "كذلك" إلى الدلالة والاستقلال المذكورين أولًا، وذلك كالفاعل المستكن في افعل أي أنت، فإنه
1 / 4
مستقل دال بالوضع، وهو لفظ لكنه منوي مع اللفظ، واحترز "كذلك" من الإعراب المقدر في "عصا" ونحوه فإنه منوي مع اللفظ ولكنه ليس كذلك، أي ليس بمستقل دال بالوضع، فلا يكون كلمة، بخلاف الفاعل المستكن في "افعل".
(وهي: اسم، وفعل، وحرف) -لأن الكلمة إن لم تكن ركنًا للإسناد فهي حرف، وإن كانت ركنًا له، فإن قبلته بطرفيه فهي اسم، وإلا فهي فعل.
(والكلام ما تضمن) -ما يصلح للواحد فأكثر، وخرج بقوله: "تضمن إسنادًا" الواحد كزيد.
(من الكلم) -بيان لجنس الكلام، وأنه ليس خطأ ولا رمزًا ولا إشارة، وإطلاق الكلام عليها مجاز.
(إسنادًا) -الإسناد تعليق خبرٍ بمخبرٍ عنه، نحو: زيد قائم، أو طلب بمطلوبٍ منه كاضرب.
(مفيدًا) -تحرز من نحو: السماء فوق الأرض.
(مقصودًا) -احترز من كلام النائم.
(لذاته) -احترز من المقصود لغيره، كالجملة الواقعة صلة نحو: جاء الذي وجهه حسن.
(فالاسم كلمة يسند ما لمعناها إلى نفسها) -نحو: زيد قائم، فقائم
1 / 5
لمعنى زيد. وهو الشخص، وهو مسند إلى زيدٍ لأنه خبر عنه، فأسند الخبر الذي لمعنى زيد إلى لفظ زيدٍ.
(أو نظيرها) -كأسماء الأفعال، فأنها لا يسند ما لمعناها إلى نفسها، لأنها لا يخبر عنها، وهي مع ذلك أسماء، لأنها إن لم يسند ما لمعناها إلى نفسها أسند إلى نظيرها، فصه اسم لأنه يسند إلى نظيره وهو السكوت، فتقول: السكوت حسن.
(والفعل كلمة تسند) -خرج الحرف، فإنه لا يسند، أي لا يخبر به، وخرج أيضًا تاء الضمير فإنها كذلك.
(أبدًا) -خرج ما يسند من الأسماء وقتًا دون وقت، نحو: زيد القائم، والقائم زيد.
(قابلة لعلامة فرعية المسند إليه) -تحرز من أسماء الأفعال، فإنها تسند أبدًا وليست أفعالًا، لأنها لا تقبل علامة فرعية المسند إليه. والمراد بها: تاء التأنيث الساكنة وألف الضمير وواوه، فهيهات وبعد ملازمان للإسناد. وهيهات اسم وبعد فعل، لأن بعد يقبل العلامة المذكورة نحو: بعدت وبعدا وبعدوا، وهيهات لا يقبل ذلك.
(والحرف كلمة لا تقبل إسنادًا وضعيًا) -احترز من الإسناد اللفظي فإنه يقبله نحو: من حرف جر، وهل حرف استفهام.
(بنفسها ولا بنظير) -احترز من الأسماء الملازمة للنداء نحو، يا فل
1 / 6
فإنها لا تقبل إسنادا وضعيًا بنفسها، لكن لها نظير يقبله، نحو: رجل، فتقول: في الدار رجل، والحرف لا نظير له يقبله.
(ويعتبر الاسم بندائه) -نحو: يا زيد.
(وتنوينه في غير روي) -احترز من تنوين الترنم نحو:
(١) "وقولي إن أصبت لقد أصابا"
فإنه لا يخص الاسم، وكذلك التنوين الغالي نحو:
(٢) "وقاتم الأعماق خاوي المخترق"
ويأتي الكلام عليهما في فصل التنوين، ويقال: مكان قاتم الأعماق. أي مغبر النواحي، والخاوي الخالي، والمخترق الممر.
(وبتعريفه) -يشمل تعريف الإضافة نحو: غلام زيدٍ، وتعريف ال نحو: الرجل، وتعريف العلم نحو: زيد.
(وصلاحيته بلا تأويل لإخبار عنه أو إضافةٍ إليه) -نحو: زيد قائم، وغلام زيدٍ. واحترز مما يخبر عنه أو يضاف إليه بتأويل، فإنه لا يكون
1 / 7
اسمًا نحو، (وأن تصوموا خير لكم) و(هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم) أي: صومكم، ويوم نفع.
(أو عود ضمير عليه) -نحو: "مهما تأتنا به"، وما أحسن زيدًا.
(أو إبدال اسمٍ صريح منه) -نحو: كيف أنت؟ أصحيح أم سقيم؟
(وبالإخبار به مع مباشرة الفعل) -نحو: القتال إذا جاء زيد. فإذا اسم، لأن الإخبار بها ينفي الحرفية، ومباشرة الفعل ينفي الفعلية، فتعينت الاسمية.
(وبموافقة ثابت الاسمية في لفظٍ) - نحو وشكان بمعنى وشك أي قرب. فإنه موافق في اللفظ لسكران.
(أو معنى دون معارض) -كموافقة "قد" لحسب في قولك: قد زيد درهم. واحترز من واو "مع" فإنها موافقة لمع في المعنى نحو: سار زيد والنيل، أي: مع النيل، وليست اسمًا لأنه عارض هذه الموافقة أنها على حرف واحدٍ صدرًا، وما كان كذلك لا يكون اسمًا بل حرفًا كباء الجر، وإنما يقع ما كان من الأسماء على حرف واحدٍ آخرًا نحو تاء الضمير.
(وهو) -أي الاسم.
(لعين) -كزيدٍ ورجلٍ.
1 / 8
(أو معنى) كقيام وقعود.
(اسمًا) -كما مثل.
(أو وصفًا) -فصفة العين كقائم وقاعد، وصفة المعنى كجلي وخفي.
(ويعتبر الفعل بتاء التأنيث الساكنة) -نحو: نعمت وبئست. وقيدها بالساكنة احترازًا من المتحركة بحركة الإعراب، فإنها مختصة بالأسماء كمسلمة، أو بحركة البناء، فإنها تلحق الحرف كلات وربت وثمت.
(ونون التوكيد الشائع) -نحو: "لنخرجنك يا شعيب"، واحترز بالشائع من شذوذ لحاقها اسم الفعال كقوله، -أنشده ابن جنى:
(٣) أريت إن جاءت به أملودا ... مرجلًا ويلبس البرودا
أقائلن أحضروا الشهودا؟
وأصل "اريت" أرأيت فحذفت همزة الماضي كما حذفت همزة المضارع، والمشهور في لغة العرب عدم حذف همزة الماضي، والأملود الناعم، يقال رجل أملود، وامرأة أملودة.
(ولزومه مع ياء المتكلم نون الوقاية) -نحو أكرمني، واحترز مما لا يلزم نون الوقاية مع الياء كاسم الفعل نحو: عليكني، وعليك بي.
1 / 9
(وباتصاله بضمير الرفع البارز) -نحو ضربت. واحترز بالبارز من المستتر، فإنه لا يخص الفعل، بل يكون فيه وفي غيره نحو: زيد قائم، وزيد قام.
(وأقسامه) -أي الفعل.
(ماضٍ) نحو: ضرب.
(وأمر) -كاضرب.
(ومضارع) -كأضرب.
(فيميز الماضي التاء المذكورة) -يعني تاء التأنيث الساكنة نحو: قامت ونعمت.
(والأمر معناه، ونون التوكيد) -أي معنى الأمر نحو: اضربن، فإن دلت الكلمة على أمر ولم تقبل التوكيد فهي اسم كصه، وإن قبلت النون ولم تدل على الأمر فهي فعل مضارع نحو: هل تفعلن؟
(والمضارع افتتاحه بهمزةٍ للمتكلم مفردًا) -نحو: أقوم، واحترز من همزة لا تكون للمتكلم نحو: أكرم.
(أو بنون له عظيمًا) -كقول المعظم نفسه: نحن نفعل، واحترز من نون لا تكون للمتكلم نحو: نرجس الدواء إذا جعل فيه نرجسًا.
(أو مشاركًا) -كقول من معه غيره: نفعل.
1 / 10
(أو بتاء للمخاطب) -نحو: أنت تفعل. واحترز من تاء لا تكون للمخاطب نحو: تعلم.
(مطلقًا) -أي مفردًا كان أو مثنى أو مجموعًا. نحو: أنت تقوم، وأنتما تقومان، وأنتم تقومون، مؤنثًا كان أو مذكرًا نحو: أنت تقومين، وأنتما تقومان، وأنتن تقمن.
(للغائبة) -نحو: هند تقوم.
(وللغائبتين) -الهندان تقومان.
(أو بياءٍ للمذكر الغائب) نحو: يقوم زيد، واحترز من ياء لا تكون للمذكر نحو: يرنأ الشيب إذا خضبه باليرنأ، وهو الحناء، ويقال: اليرنأ واليرنأ بالفتح والضم، مهموزين بلا مد، واليرناء بالضم ممدودًا.
وسألت فاطمة ﵂ النبي ﷺ عن اليرنأ فقال: ممن سمعت هذه الكلمة؟ قالت: من خنساء. قال: القتيبي: لا أعرف لهذه الكلمة في الأبنية مثلًا. وقولهم: يرنأ من غريب الأفعال.
(مطلقًا) -أي مفردًا كان نحو: زيد يقوم، أو مثنى نحو: الزيدان يقومان. أو مجموعًا نحو: الزيدون يقومون.
(والغائبات) نحو: الهندات يقمن.
1 / 11
(والأمر مستقبل أبدًا) -لأنه مطلوب منه حصول ما لم يحصل نحو: (يأيها المدثر. قم فأنذر) أو دوام ما حصل نحو: (يأيها النبي اتق الله).
(والمضارع صالح له) -أي للاستقبال.
(وللحال) -فإذا قلت: يقوم، احتمل الحال والاستقبال، وهذا مذهب الجمهور.
(ولو نفي بلا) -نحو: لا أضرب، وهذا مذهب الأخفش والمبرد.
(خلافًا لمن خصها بالمستقبل) -هم معظم المتأخرين. ومن وروده مع لا للحال قوله تعالى: (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئًا).
(ويترجع الحال مع التجريد) -أي إذا تجرد المضارع عن القرائن المخلصة للاستقبال أو الحال كان حمله على الحال أرجح من حمله على الاستقبال.
(ويتعين) -أي الحال.
(عند الأكثر) -وهو الصحيح، وزعم بعضهم أنه لا يتعين، وهو ضعيف.
(بمصاحبة الآن) -نحو: أجيئك الآن.
1 / 12
(وما في معناه) -كالساعة والحين وآنفًا.
(وبلام الابتداء) -نحو، إن زيدًا ليقوم.
(ونفيه بليس) -نحو: ليس يقوم زيد.
(وما) -نحو: ما يقوم زيد.
(وإن) -نحو: إن يقوم زيد.
(ويتخلص للاستقبال) -أي المضارع.
(بظرف مستقبل) -نحو: أزورك إذا تزورني، فأزور مستقبل لعمله في إذا وهو ظرف مستقبل، وتزورني كذلك لإضافة إذا إليه.
(وبإسناده) -أي المضارع.
(إلى متوقع) -نحو:
(٤) يهولك أن تموت وأنت ملغٍ ... لما فيه النجاة من العذاب
فيهول مستقبل لإسناده إلى أن تموت، وهو مستقبل، يقال: هاله الشيء يهوله هولًا أي أفزعه.
(وباقتضائه طلبًا) -نحو: "والوالدات يرضعن".
1 / 13
(أو وعدًا) -نحو: (يعذب من يشاء).
(وبمصاحبة ناصب) -أي ظاهرًا كان نحو: أريد أن أخرج، أو مقدرًا نحو: جئت لأقرأ.
(أو أداة ترج) -نحو: لعل الله يرحمنا.
(أو إشفاقٍ) -نحو لعل العدو يقدم. والفرق بين الرجاء والإشفاق أن المرجو محبوب والمشفق منه مكروه.
(أو مجازاةٍ) نحو: إن يقم زيد يقم عمرو.
(أولو المصدرية) -نحو: "يود أحدهم لو يعمر" -واحترز بالمصدرية من الامتناعية فإنها تصرف المضارع إلى المضي نحو: لو يقوم زيد لقام عمرو.
(أو نون توكيد) -أي ثقيلة كانت نحو: "لنخرجنك يا شعيب"، أو خفيفة نحو: "لنسفعا بالناصية".
(أو حرف تنفيس، وهو السين) -نحو سيقوم.
(أو سوف) -نحو: سوف أقوم.
1 / 14
(أو سف) -نحو: سف أقوم. حكاها الكوفيون.
(أو سو) -نحو: سو أقوم. حكاها الكسائي عن ناس من أهل الحجاز.
(أو سي) -نحو: سي أقوم. وهذه أغرب لغاتها، وحكاها صاحب المحكم.
(وينصرف إلى المضي) -أي المضارع.
(بلم) نحو: لم أضرب.
(ولما الجازمة) -نحو: لما يقم زيد، واحترز بالجازمة من التي بمعنى إلا فإنها لا تدخل إلا على ماض لفظًا مستقبلٍ معنى نحو: أنشدك الله لما فعلت، أي: ما أسألك إلا فعلك، ومن التي هي حرف وجوب لوجوب، فإنها لا تصحب إلا ماضيًا لفظًا ومعنى نحو: لما قام زيد قام عمرو. ولم يقيد لم بكونها جازمة لينبه على أنها تصرف المضارع إلى المضي وإن لم تجزمه كقوله:
(٥) لولا فوارس كانوا حولهم صبرًا ... يوم الصليفاء لم يوفون بالجار
(ولو الشرطية غالبًا) -نحو: "ولو يؤاخذ الله الناس"، واحترز
1 / 15
بقوله: غالبًا من ورود الشرطية بمعنى إن فإنها تصرف المضارع حينئذ إلى الاستقبال نحو:
(٦) لا يلفك الراجيك إلا مظهرا ... خلق الكرام ولو تكون عديما
(وإذ) -نحو: "وإذ تقول للذي أنعم الله عليه".
(وربما) -نحو:
ربما تكره النفوس من الأمر له فرجة كحل العقال.
(وقد في بعض المواضع) -قد كر بما في التقليل والصرف إلى المضي، فإن خلت من التقليل خلت غالبًا من الصرف إلى المضي، وتكون للتحقيق في نحو: "قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون". وقد تخلو من التقليل وتصرف إلى المضي نحو: "قد نرى تقلب وجهك".
(وينصرف الماضي إلى الحال بالإنشاء) -نحو: بعت واشتريت وأعتقت، فهذه ماضية لفظًا حاضرة معنى، والإنشاء في اللغة مصدر أنشأ، وفي الاصطلاح عبارة عن إيقاع معنى بلفظ يقارنه في الوجود كإيقاع التزويج بزوجت، والتطليق بطلقت، والبيع والشراء ببعت واشتريت.
1 / 16
(وإلى الاستقبال بالطلب) -نحو: غفر الله لزيد.
(والوعد) -نحو: "إنا أعطيناك الكوثر".
(وبالعطف على ما علم استقباله) -نحو: "يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار".
(وبالنفي بلا) -نحو:
(٧) ردوا فوالله لا ذدناكم أبدًا ... ما دام في مائنا ورد لنزال
(وإن) -نحو: "ولئن زالتا إن أمسكهما من أحدٍ من بعده".
(بعد القسم) -قيد في النفي بلا وإن.
(ويحتمل) أي الماضي.
(المضي والاستقبال بعد همزة التسوية) -نحو: سواء علي أقمت أم قعدت.
(وحرف التحضيض) -نحو: هلا ضربت زيدًا؟ إن أردت المضي كان
1 / 17
توبيخًا، أو الاستقبال كان أمرًا، ومن الثاني قوله تعالى: "فلولا نفر من كل فرقةٍ منهم طائفة" أي لينفر.
(وكلما) -مثال المضي: "كلما جاء أمة رسولها كذبوه". ومثال الاستقبال: "كلما نضجت جلودهم".
(وحيث) -مثال المضي: "فأتوهن من حيث أمركم الله" ومثال الاستقبال: "ومن حيث خرجت".
(وبكونه صلةً) -مثال المضي: "الذين قال لهم الناس" ومثال الاستقبال: (إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم).
(أو صفة لنكرة عامة) -مثال المضي:
(٨) رب رفدٍ هرقته ذلك اليو ... م وأسرى من معشر أقتال
ومثال الاستقبال: "نضر الله أمرًا سمع مقالتي فأداها كما سمعها" أي: يسمع مقالتي، لأنه ترغيب لمن أدرك حياته في حفظ ما يسمعه منه ويبلغه لأمته، والرفد أيضًا القدح الضخم، والأقتال جمع قتل وهو العدو، ومعنى نضر الله أمرأ نعمه.
1 / 18
٢ - باب إعراب الصحيح الآخر
يطلق الإعراب في اللغة على الإبانة، أعرب الرجل عن حاجته أبان عنها، وعلى التحسين، أعربت الشيء: حسنته، وعلى التغيير عربت معدة البعير تغيرت، وأعربها الله غيرها، وفي الاصطلاح على ما يلحق أواخر الكلمة المعربة من حركةٍ أو حرفٍ أو سكونٍ أو حذفٍ، كما ذكر المصنف، وزعم أنه مذهب المحققين، وذهب متأخرو المغاربة إلى أنه عبارة عن التغيير الذي في أواخر الكلم، وهو ظاهر قول سيبويه، واختيار الأعلم.
(الإعراب) -أي في الاصطلاح.
(ما جيء به لبيان مقتضى العامل من حركةٍ) -من بيان لما، والحركة هي الضمة نحو: جاء زيد، والفتحة نحو: رأيت زيدًا، والكسرة نحو: مررت بزيدٍ.
(أو حرفٍ) -هو الواو والألف والياء والنون، نحو: جاء أبوك والزيدان، ورأيت الزيدين يضربون.
(أو سكون) -نحو: لم يضرب.
(أو حذف) -نحو: لم يضربا.
1 / 19
(وهو) -أي الإعراب.
(في الاسم أصل) -وهذا مذهب البصريين، وذهب الكوفيون إلى أن الإعراب أصل في الأسماء وفي الأفعال، وقيل هو أصل في الفعل فرع في الاسم، حكاه في البسيط.
(لوجوب قبوله) -أي الاسم.
(بصيغةٍ واحدةٍ معاني مختلفةً) -وهي الفاعلية والمفعولية والإضافة نحو: قام زيد، ورأيت زيدًا، ومررت بزيدٍ.
(والفعل والحرف ليسا كذلك) -أي ليس كل واحد منهما يقبل بصيغةٍ واحدةٍ معاني مختلفة.
(فبنيا) -أي الفعل والحرف.
(إلا المضارع، فإنه شابه الاسم بجواز شبه ما وجب له فأعرب) وجه الشبه أن كلا منهما يعرض له بعد التركيب معانٍ تتعاقب على صيغةٍ واحدةٍ، ففي قولك: لا تأكل السمك وتشرب اللبن، يحتمل النهي عن الفعلين مطلقًا، وعن الجمع بينهما، والنهي عن الأول واستئناف الثاني، فيدل على كل معنى منها بإعراب، فعلى الأول تجزم الثاني كالأول، وعلى الثاني تنصبه، وعلى الثالث ترفعه، فيزول اللبس الذي عرض في الفعل بالإعراب، كما يزول اللبس الذي يعرض في الاسم بالإعراب نحو: ما أحسن زيدًا في التعجب، وما أحسن زيدٍ في الاستفهام، وما أحسن زيد في النفي، فلما كان الاسم والفعل شريكين في قبول المعاني بعد التركيب اشتركا في الإعراب.
1 / 20