ثم ملكت حماية، بنت بهمن بن إسفنديار بن يستاسف بن بهراسف وكانت تعرف بأمها شهرزاد، ولهذه الملكة سير وحروب مع الروم وغيرهم من ملوك الأرض، وكانت حسنة السياسة لأهل مملكتها، وكان ملكها بعد أبيها بهمن ثلاثين سنة، وقيل غيرذلك.ثم ملك بعدها أخ لها يقال له دارا بن بهمن بن إسفنديار، وكان ملكه اثنتي عشرة سنة وكان ينزل بباب.
دارا بن دارا
ثم ملك دارا بن دارا بن بهمن بن إسفنديار بن يستاسف بن بهراسف والفرس تسمى دارا هذا باللغة الأولى من لغاتهم داريوس، وهو الذي قتله الإسكندر بن فليبس المقدوني، وكان ملكه إلى أن قتل ثلاثين سنة .وقد ذكر أن منوشهر حين انهزم من حرب فراسياب التركي سار إلى جبل طبرستان فتحضن به، ثم ثاب بعد ذلك ومعه خيل، فحارب فراسياب التركي، وقد وطىء العراق، وغلب على الأقاليم، فهرب إلى أرض الترك، وأن الملك صار بعد منوشهر إلى أخوين، وقيل: بل كانا شريكين في الملك متظافرين متعاونين على عمارة الأرض وما خربه فراسياب: أحدهما بهماسف بن كنجهر بن ورزق بن هوسف بن واحدسك بن دوس بن منوشهر، والآخر كرشاسف بن يمار بن طماهسف بن آشك بن فرسين بن أرج بن منوشهر، وكان كرشاسف محاربا لفراسياب، ومنازلا له، والآخر وهو زاب بالعراق: يعمر ما خربه فراسياب من الأرض، واحتفر النهرين المعروفين بالزابين الصغير والكبير، على ما قدمنا من ذكرهما في هذا الكتاب، الخارجين من بلاد أرمينية الصابين في دجلة: الأكبر بين الموصل والحديثة، والاخر ببلاد السن وسماهما باسمه، وحفر بسواد العراق نهرا آخره وسماه بالزاب، وجعل على هذا النهر بالعراق ثلاث طساسيج من الضياع والعمائر وأسماها الزوابي، وما ذكرنا فهو باق إلى هذه الغاية، وأن مملكتهما كانت ثلاث سنين، وأن كيخسرو لما قتل جده ببلاد السرو والران من بلاد أذربيجان وهو فراسياب بن بشنك بن نبت بن نشمربن ترك، وترك هذا جد سائر الترك عند طائفة من الناس من ولد يسب بن طوح بن أفريدن، وقد قدمنا وجها من الرواية في نسبة فيما سلف من هذا الكتاب، وسار كيخسرو في البلاد، ووطىء الممالك، وانتهى إلى بلاد الصين، فبنى هناك مدينة عظيمة، وسماها كنكدر، وقد نزلها خلق من ملوك الصين كنزولهم أنموا وغيرها من مدنهم، وقد قيل: إن كنكدر هي أنموا بعينها، وقد قيل: إن كيقاوس بنى مدينة قشمير المقدم ذكرها بأرض السند، وإن سياوخس بنى في حياة أبيه كيقوس مدينة القندهار من أرض السند المقدم ذكرها فيما سلف من هذا الكتاب.
قال المسعودي: ولمن ذكرنا من هؤلاء الملوك أخبار وسير قد أتيناعلى شرحها فيما سلف من كتبنا، وإنما نذكر في هذا الكتاب جوامع، منبهين بها على ما سلف من مبسوطها، وما نذكره من الوجوه فلا ختلاف الروايات وتباين الناس في المصنفات من كتبهم فيما ذكرناه من أخبارهم ليعلم من قرأ كتابنا هذا أنا قد بذلنا المجهود من أنفسنا، وذكرنا سائر ما قالوه فيما وصفناه، وبالله التوفيق، ومنه الإعانة.
ذكر ملوك الطوائف وهم بين الفرس الأولى والثانية
أصل ملوك الطوائف
صفحة ١٠٠