غدا هارون يرعد بالمنايا ... ويبرق بالمذكرة العضاب ورايات يحل النصر فيها ... تمر كأنها مر السحاب
أمير المؤمنين ظفرت فاسلم ... وأبشر بالغنيمة والإياب
وللرشيد مع يعفور هذا بعد ذلك أخبار كثيرة، وقد أتينا على مبسوطها في كتابنا الأوسط، وما كان من خبره في إرساله ليحيى بن الشخير حين أمره أن يتطارش على يعفور، وما كان من يعفور وإخباره لبطارقته أن الرشيد بعث بهذا متصامما، وما طالبه ابن الشخير بدينار أو درهم عليه صورة الملك حين عرضت عليه الخزائن، وما كان من انقياد يعفور بعد ذلك إلى طاعة الرشيد، وشرطه عليه أن يحمل إليه أينما كان من ماء عين العشيرة، هي عين البربدون، وهي في نهاية الصفاء والرقة، وغير ذلك مما عنه أمسكنا للاختصار.
ثم ملك بعد يعفور استراق بن يعفور بن استراق في أيام محمد الأمين، فلم يزل ملكا حتى غلب على الملك قسطنطين بن قلفط، وكان ملك قسطنطين هذا في خلافة المأمون.
ثم ملك بعده توفيل، وذلك في خلافة المعتصم، وهو الذي فتح زبطرة، وغزاه المعتصم بالله ففتح عمورية، وسنورد خبره فيما يرد من هذا الكتاب في أخبار المعتصم، إن شاء الله تعالى.
ثم ملك بعده ميخائيل بن توفيل وذلك في خلافة الواثق والمتوكل والمنتصر والمستعين.
ثم كان بين الروم تنازع في الملك ، فملكوا عليهم توفيل بن ميخائل ابن توفيل ثم غلب على الملك بسيل الصقلبي، ولم يكن من أهل ييت الملك، وكان ملكه أيام المعتز والمهتدي، وبعض خلافة المعتمد.
ثم ملك بعده ابنه اليون بن بسيل بقية أيام المعتمد و صدرا من أيام المعتضد.
ثم هلك فملكوا عليهم ابنا له يقال له الاسكندروس فلم يحمدوا أمره، فخلعوه وملكوا عليه أخاه لاوي بن اليون بن بسيل الصقليي وكان ملكه بقية أيام المعتضد والمكتفي و صدرا من أيام المقتدر.
ثم هلك وخلف ولدا صغيرا يقال له قسطنطين فملك وغلب على مشاركته في الملك أرمنوس بطريق البحر وصاحب غزوه وحروبه، فزوج قسطنطين الصبي بابنته، وذلك في بقية أيام المقتدر وأيام القاهر والراضي والمتقي، إلى هذا الوقت - وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلثمائة - في خلافة أبي إسحاق المتقي لله بن المقتدر.
وملوك الروم في هذا الوقت المؤرخ ثلاثة، والأكبر منهم والمدبر لأمور أرمنوس المتغلب، ثم الثاني وهو قسطنطين بن لاوي بن اليون بن بسيل، والملك الثالث ابن لأرمنوس، يخاطب بالملك، واسمه اسطفنوس وجعل أرمنوس ابنا له آخر صاحب الكرسي بالقسطنطينية، وهو البطرك الأكبر الذي يأخذون عنه دينهم، وقد كان خصاه قبل ذلك، وقربه إلى الكنيسة، وأمر الروم يدور في وقتنا هذا على من ذكرنا من ملوكهم.
قال المسعودي: وإلى هذا الوقت انتهت أخبار ملوك الروم، على حسب ما ذكرنا، والله أعلم ما يكون من أمرهم في المستقبل من الزمان.
مدة ملك الروم
فعدد سني ملوك الروم المتنصرة من قسطنطين بن هلاني، وهو المظهر لدين النصرانية على ما ذكرنا، إلى هذا الوقت، خمسمائة سنة وسبع سنين، والذي أجمع عليه من عدد ملوكهم - من قسطنطين إلى هذا الوقت المؤرخ - أحد وأربعون ملكا، ولم يعد بعد ابن أرمنوس، ووقع العدد على قسطنطين وأرمنوس اللذين هما ملكا الروم في هذا الوقت المؤرخ، وإن أدخلنا في هذا العمد ابن أرمنوس فعدد ملوك الروم من بدء النصرانية - وهو الملك قسطنطين بن هلاني - اثنان وأربعون ملكا، في مدة هذه السنين المذكورة.
وقد ذهب جماعة ممن عني بأخبار العالم إلى أن من حين هبط آدم عليه السلام إلى هذا الوقت، وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة، ستة آلاف سنة ومائتين وتسعا وخمسين سنة، وسنذكر فيما يرد من هذا الكتاب جملا من تاريخ سني العالم والأنبياء والملوك في باب نفرعه لذلك، إن شاء الله تعالى.
ذكر مصر وأخبارها ونيلها وعجائبها وأخبار ملوكها وغير ذلك مما أتصل بهذا الباب
ذكر مصر في القرآن
صفحة ١٤٩