وأرسل الله لوطا إلى المدائن الخسمن، وهي: سدوم، وعمورا، وأدموتا، وصاعورا، وصابورا، وإن قوم لوط هم أصحاب المؤتفكة، وهذا الاسم مشتق من الإفك، وهو الكذب على رأي من ذهب إلى الاشتقاق، وقد ذكرهم الله في كتابه بقوله: " والمؤتفكة أهوى " وهذه بلاد بين تخوم الشام والحجاز مما يلي الأردن وبلاد فلسطين، إلا أن ذلك في حيز الشام، وهي مبقاة إلى وقتنا هذا، وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة خرابا لا أحد بها، والحجارة المسومة موجودة فيها يراها الناس السفار سوداء براقة، فأقام فيهم لوط بضعا وعشرين سنة يدعوهم إلى الله فلم يؤمنوا، فأخذهم العذاب على حسب ما أخبر الله من شأنهم. ولما ولد إسماعيل لإبراهيم من هاجر غارت سارة فحمل إبراهيم إسماعيل وهاجر إلى مكة فأسكنها بها، وذلك قوله عز وجل يخبر عن إبراهيم: " " رب إني أسكنت من فريتي بواد غير في زرع عند بيتك المحرم " فأجاب الله دعوته، وآنس وحشتهم، بجرهم والعماليق، وجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم.
وأهلك الله قوم لوط في عهد إبراهيم لما كان من فعلهم واتضح من خبرهم ثم أمر الله إبراهيم عليه السلام بذبح ولده، فبادر إلى طاعة ربه،وتله للجبين؟ ففداه الله بذبح عظيم، ورفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل.
مولد إسحاق
ثم ولد لإبراهيم من سارة " إسحاق عليه السلام، وذلك بعد مضي عشرين ومائة سنة من عمره.
الذبيح من ولد إبراهيم
وقد تنازع الناس في الذبيح، فمنهم من ذهب إلى أنه إسحاق، ومنهم من رأى أنه إسماعيل، فإن كان الأمر وقع بالذبح بالحجاز فالذبيح إسماعيل، لأن إسحاق لم يدخل الحجاز، هان كان الأمر بالذبح وقع بالشام فالذبيح إسحاق، لأن إسماعيل لم يدخل الشام بعد أن حمل منه. وتوفيت سارة وتزوج إبراهيم بعد ذلك بقنطوراء، فلد منها ستة ذكور، وهم: مرق، ونفس، ومدن، ومد ين، وسنان، وسرح، وتوفي إبراهيم بالشام، وكان عمره إلى أن قبضه الله عزوجل مائة سنة وخمسا وتسعين سنة، وأنزل الله عليه عشرا من الصحف.
أولاد إسحاق بن إبراهيم الخليل
وتزوج إسحاق بعد إبراهيم برفقا ابنة بتوايل ؛ فلدت له العيص ويعقوب في بطن واحد، وكان البادىء منهما إلى الفصل عيص، ثم يعقوب، وكان لإسحاق في وقت مولدهما ستون سنة، وذهب بصر إسحاق، فدعا ليعقوب بالرياسة على إخوته والنبوة في ولده، ودعا لعيص يالملك في ولده، وكان عمر إسحاق إلى أن قبضه الله مائة وخمسا وثمانين سنة، ودفن مع أبيه الخليل، ومواضع قبورهم مشهورة، وذلك على ثمانية عشر ميلا من بيت المقدس في مسجد هناك يعرف بمسجد إبراهيم ومراعيه.
يعقوب بن إسحاق وأخوه العيص
وقد كان إسحاق أمر ولده يعقوب بالمسير إلى أرض الشام وبشره بالنبوة ونبوة أولاده الاثني عشر، وهم: لاوى، ويهوذا، ويساخر، وزبولون، ويوسف، وبنيامين، ودان، ونفتالى، وكان، وإشا ر، وشمعون، وروبيل، هؤلاء الأسباط الاثنا عشر، والنبوة والملك في عقب أربعة منهم: لاوى، ويهوذا، ويوسف، وبنيامين، وكثرجزع يعقوب من أخيه العيص و، فأمنه الله من ذلك، وكان ليعقوب خمسة آلاف وخمسمائة من الغنم؛ فأعطى يعقوث لأخيه العيص العشرمن غنمه استكفاء للشر وخوقا من سطوته، من بعد أن آمنه الله عزوجل من خوفه، وأن لا سبيل له عليلا، فعاقبه الله في وللى لمخالفته لوعده، فأوحى الله تعالى إليه: ألم تطمئن إلى قولي. فلأجعلن ولد العيص يملكون ولدك خمسمائة وخمسين عاما، وكانت المدة منذ أخربت الروم بيت المقدس، واستعبدت بني إسراثيل إلى أن فتح عمر بن الخطاب رضي الله عنه بيت المقدس.
وكان أحب ولد يعقوب إليه يوسف؛ فحسده إخوته على ذلك، وكان من أمره مع إخوته ما قص الله عزوجل في كتابه، وأخبر به على لسان نبيه، واشتهر ذلك في أمته.
وفاة يعقوب ويوسف
وقبض الله عز وجل يعقوب ببلاد مصر، وهو ابن مائة وأربعين سنة، فحمله يوسف فدفنه ببلاد فلسطين، عند تربة إبراهيم وإسحاق، وقبض الله يوسف بمصر وله مائة وعشرون سنة، وجعل في تابوت من الرخام، وسد بالرصاص، وطلى الأطلية الدافعة للهواء والماء، وطرح في نيل مصر نحو مدينة منف، وهناك مسجده وقيل: إت يوسف أوصى أن يحمل فيدفن عند قبر أبيه يعقوب في مسجد إبراهيم عليه السلام
أيوب النبي
صفحة ١٣