الآمل». وتثبت لنا القرائن والشواهد والدلائل التاريخية أن الشطر الثاني من هذه الجملة غلط قطعا، بل الأقوى في الشطر الأول منها كذلك أيضا، ولا أقل من عدم دليل لإثباته. وقبل ذلك نرى من الضروري أن نذكر أن المصدر الأول للشطر الأول من الجملة هو مقال ابن العودي تلميذ الشهيد الثاني إذ قال:
«فأول ما أفرغه في قالب التصنيف الشرح المذكور [يعني روض الجنان] ... خرج منه مجلد ضخم، ثم قطع عنه على آخر كتاب الصلاة، والتفت إلى التعلق بأحوال الألفية» (1).
هذه الدعوى لابن العودي صريحة في أن الشهيد الثاني ألف- أول ما ألف- «روض الجنان» ثم أقبل على سائر كتبه. إذا فاحتمال أن يكون مراد من قال تبعا لابن العودي: «أولها الروض» أنه شرع في تأليفه ومن الممكن أن يكون في خلال ذلك قد ألف كتبا اخرى، هذا الاحتمال منتف قطعا، بل مرادهم: أنه أنهى في أول أمره تأليف «روض الجنان» إلى آخر كتاب الصلاة- ولم يكتب منه أكثر من هذا المقدار- ثم شرع في كتابة سائر كتبه. وعلى افتراض عدم دلالة الأدلة التي تقام قريبا على بطلان هذه الدعوى، فلا أقل من أنها تعارضها ولا يمكن معها الاستناد إليها. وإليك أدلة هذا الكلام:
أ- الدليل على عدم كون «روض الجنان» أول تأليف للشهيد هو:
أولا: أن كتاب «روض الجنان»- أعني كتابي الطهارة والصلاة منه فقط، إذ لم يكتب منه أكثر من هذا المقدار (2)- انهي في يوم الجمعة 25 ذي القعدة سنة 949، كما قال الشهيد في آخره- كما في نسخة الأصل بخط نفس الشهيد المحفوظة في مكتبة الإمام الرضا (عليه السلام) برقم 2770-:
«تم الجزء الأول من كتاب «روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان» ويتلوه في الجزء الثاني كتاب الزكاة. واتفق الفراغ منه يوم الجمعة الخامس والعشرين من شهر ذي القعدة ... سنة تسع وأربعين وتسعمائة على يد مصنفه ... زين الدين بن علي بن أحمد العاملي، عامله الله بفضله، وعفا عنهم بمنه، ووفقه لإكماله، وجعله خالصا لوجهه الكريم» (3).
صفحة ٣٣