المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني

ابن جني ت. 392 هجري
108

المنصف لابن جني، شرح كتاب التصريف لأبي عثمان المازني

الناشر

دار إحياء التراث القديم

رقم الإصدار

الأولى في ذي الحجة سنة ١٣٧٣هـ

سنة النشر

أغسطس سنة ١٩٥٤م

ولم يجعلوه "مُفْعُولا"؛ لأنهم قد قالوا: خرجوا يَتَمَغْفَرون، فيتمغفرون عندهم يَتَفَعْلَلون، ولم يجعلوه يَتَمَفْعَلُون؛ لقلة تَمَفْعَلَ، وكثرة تَفَعْمَلَ. ومن هنا أيضا كانت الميم في "مَعدّ" أصلا؛ لقولهم: تمعدد، وتمعدد: تفعل، ولم يحمل على تَمَفْعَلَ، على أن قوما قد جعلوا مُغْفُورا مُفْعُولا كمُعْلُوق، وإنما هذا لقلة١ المعرفة بهذا الشاذ٢، والقياس ما أنبأتك به أولا. قال أبو علي: إنما قلنا: "مُعْلوقا" مُفْعُول؛ لأنهم قد قالوا في معناه: مِعْلاق، فمعلاق مِفْعَال ليس غير. قال: وأما مُغْرود فحمله على فُعْلول أولى؛ لأن فُعْلولا أكثر من مُفْعول. وقالوا: تَمَنْدَلَ بالمنديل، وهو تَمَفْعَلَ، والجيدة: تَنَدَّلَ. وقالوا: قَلْنسته وهي٣ فَعْنلته، وقالوا: قَلْسيته وهي٤ القياس. وقالوا: تَأْبلت القِدْرَ بالهمز، والهمزة زائدة؛ لأنها بدل من ألف تابَلْت الزائدة. وحُكي عنهم: "مَرْحَبَكَ الله ومَسْهَلَك، وكان يُسَمَّى محمدا تم تَمَسْلم" أي: صار يسمى مُسْلِما، وهذا كله شاذ. وقد قال بعضهم: إن "مَذْحِج" جماعة قبائل شتى مَذْحَجَتْ أي: اجتمعت. فإن كان هذا ثبتا في اللغة فلا بد من أن تكون الميم زائدة، وتكون الكلمة مَفْعَلَتْ؛ لأنهم قالوا: "مَذْحِج"، فإن جعلت الميم أصلا كان وزن

١ ظ: هذه القلة، وش: هذه لقلة. ٢ ظ، ش: الشأن. ٣، ٤ ظ، ش: وهو، في الموضعين.

1 / 108