إذ لم يدعهم به إلا إلى الإحسان ، فلما كان ذلك كذلك ، كان الله حكيما ، بامتحانه وأمره (1) ونهيه.
قال الملحد : إن الله يعلم ما هو صائرون إليه ، ونحن لا نعلم ذلك (2).
قال القاسم عليه السلام : إن الجهل ، والعلم (3)، لا يحسن الحسن ، ولا يقبح القبيح ، وذلك لأنه (4) لو كان حسنا لأن الآمر به يعلم أنه يفعله (5) لكان ذلك قبيحا ، إذا (6) كان الأمر منا بما يصير إليه المأمور جاهلا ، فلما (7) لم يكن ذلك قبيحا لجهل الآمر منا ، لأنه إنما (8) أمر بالحسن ودعا إلى الحسن ، وإن كان جاهلا بما يصير إليه المأمور [دل ذلك على أنه لا فرق بين أن يكون الآمر بالحسن ، والداعي إلى الحسن ، جاهلا بما يصير إليه المأمور] (9)، أو عالما.
وشيء آخر : وهو أنه لو كان الامتحان قبيحا ، إذا علم أنه يعصى ، لكان لا شيء أقبح من إعطاء العقل ، لأنه إنما يعصى عند وجوده ، ويستحق الذم والمدح به ، فلما كان إعطاء العقل عند الأمم كلها موحدها وملحدها حسنا ، دل ذلك على أن الامتحان والخلق والأمر بالحسن كله حسن ، علم أنه يعصي أو (10) يطيع.
قال الملحد : فلم مزج الخير بالشر ولم صار واحد غنيا ، وواحد فقيرا ، والآخر قبيحا ، والآخر حسنا؟
صفحة ٣١١