253

الممتع في شرح المقنع

محقق

عبد الملك بن عبد الله بن دهيش

الإصدار

الثالثة

سنة النشر

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

تصانيف

وقيل: يعم ما ذكر.
وهو الصحيح من المذهب لأن النبي ﷺ كان يؤذن له ويقام سفرًا وحضرًا.
و«لأن النبي ﷺ قال لأبي سعيد الخدري: إذا كنت في غنمك أو في باديتك فأذّنت بالصلاة فارفع صوتك فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة» (١) رواه البخاري.
ويكفي أذان واحد لجميع أهل البلد الصغير والمحلة الكبيرة إذا كان يسمعهم جميعهم؛ لأن الغرض إسماعهم. وذلك حاصل بما ذكر.
وأما كون الإمام يُقاتل أهل بلد اتفقوا على تركهم الأذان والإقامة؛ فلأنهم تركوا ما هو من شعائر الإسلام الظاهرة. فكان للإمام أن يقاتلهم؛ كما لو تركوا الجهاد.
وظاهر كلام المصنف ﵀ هنا أن ما ذكر مرتب على القول بفرضهما على الكفاية لأنه قال: وهما فرض على الكفاية إن اتفق أهل بلد. وهو ظاهر كلامه في المغني أيضًا؛ لأنه حكى أنهما فرض كفاية. ثم قال: فعلى هذا إذا قام به قوم سقط عن الباقين. فإن اتفق أهل بلد على تركهما قاتلهم الإمام. فعلى هذا يكون قتال الإمام لهم لتركهم الواجب كقتال مانعي الزكاة.
وقال صاحب النهاية فيها: سواء قلنا أنهما سنة أو واجب متى اتفق أهل بلد على تركهما قاتلهم الإمام لأنهما من أعلام الدين الظاهرة فلا يرخص في تعطيلهما لأن الشعائر المستمرة الظاهرة في الشريعة لو خلا منها قطرٌ لتبادر الخلق بالإنكار والاستنكار.
قال: (ولا يجوز أخذ الأجرة عليهما في أظهر الروايتين. فإن لم يوجد متطوع بهما رَزق الإمامُ من بيت المال من يقوم بهما).
أما كون أخذ الأجرة على الأذان لا يجوز في أظهر الروايتين؛ فلما روى عثمان بن أبي العاص أنه قال: «إن آخر ما عهد إلي النبي ﷺ أن اتخذ مؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا» (٢). قال الترمذي: حديث حسن.

(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٥٨٤) ١: ٢٢١ كتاب الأذان، باب رفع الصوت بالنداء.
(٢) أخرجه أبو داود في سننه (٥٣١) ١: ١٤٦ كتاب الصلاة، باب أخذ الأجر على التأذين.
وأخرجه الترمذي في جامعه (٢٠٩) ١: ٤٠٩ أبوب الصلاة، باب ما جاء في كراهية أن يأخذ المؤذن أجرًا.
وأخرجه أحمد في مسنده (١٦٣١٤) ٤: ٢١.

1 / 266