المختصر من كتاب السياق لتأريخ نيسابور
تصانيف
~~ومن نظر فيما احتوى عليه غواص خاطره مستخرجا من أصداف فكره من الدرر وابرزه
~~خازن أعلاق ذخره من الغرر التي من وفى بفهم مغزاها وأدرك ما يتضمنه مبناها
~~[و] معناها [ظ] فقد برز وحاز قصب الكمال وأحرز، اعترف لي بما لو حب فيض من
~~فيضه مخافة التطويل مع انه في ذكر مثله محبوب والاكثار مما هو محبوب مطلوب.
وقد تقدم ذكر بعض أسلافه الصدور والغطاريف في مواضع من هذا التصنيف،
~~وسيأتي ذكر الأخلاف في مواضع.
ومن خصائص هذا الصدر حسن اعتقاده في مذهب السنة والجماعة ضما إلى كرم
~~ميلاده والتفاخر فيما بين الامراء من أولاده، وتزيين مجلسه بإلقاء المسائل
~~والغوص على استنباط الفوائد، وتهديه فيما يجري من كل فن إلى استخراج
~~المعاني من مظانها، وتغلغل آرائه في أساليبها، مشحوذة بمسانها حتى كأنه
~~استفرغ جل أوقاته في ذلك الفن. مع أنه غير متفرغ إلى ممارسته في غالب الظن،
~~كل ذلك لما [ظ] جمعه الله من موجب الصفاية [ظ] السابقة، وخصه به من الكفاية
~~اللاحقة، فلا يخلو بابه من الزوار والعفاة ولا جنابه عن الأصناف من الأئمة
~~والقضاة، فينصرفون عنه بالرغائب ملء الحقائب ويملون الأملاء بالأبينة
~~الفايحة والأدعية الصالحة، مضافا إلى رغبة في سماع الحديث وطلبه، وتحصيل
~~كتبه، وحضور مجالسه، واحراز نفايسه.
ولا شك أنه سمع من الأولين من مشايخ الطبقة الثالثة، وأدرك أصحاب أصحاب
~~الأصم مثل ما عهدناه يحضر مجالس المتأخرين، فان ظفرت بشيء من ذلك ألحقته مع
~~لمع من مقطعاته الفايقة، وجوايد أشعاره الرايقة.
ولقد طالعت ديوان شعره الذي يبلغ مجلدات [26 ب] فما أمكنني انتخاب بعض
~~منه لحسن كله، إذ لا يمكن اختيار الأحسن مما كله حسن، ووجدت فيه من القصائد
~~الطوال ما يبلغ كل واحدة المئة، فما فوقها من الأبيات في المعارضات
~~والتشبيهات.
فمما قرأت بخطه أنه قال: رأيت بعض الناس في المنام أني أرى الشعراء، فسأل
~~بعض بعضا عن أمدح ما قالوه وأنسب ما قالوه وأنا أريد أن اسألك عن أمدح ما
~~قلت؟ فقلت له: أما أنا فلست بمادح، ولكني أذكر أبياتا ثلاثة أراها أمدح ما
~~قلت. وذكرت هذه الأبيات:
ما إن يجود بشح نفسه أبدا
والشح بالشح أقصى غاية الكرم
صفحة ٩٩