وتعجل البناء ورفع الحيطان ووصل الليل بالنهار والعشي بالإبكار في تهيئة
~~أسباب ذلك، حتى سويت العرصة ورفع الحيطان ورسم موضع المقصورة والمحراب
~~فنصبت المنابر وأقيمت الجمع قبل التطيين والتزيين، وبالغ في الاستعجال
~~مخافة العوايق [ظ] ومحاذرة تخليط المخلطين والمخالفين، وبذل الأموال
~~والعلايق والنفايس في تمشية ذلك وتهيئة الاسباب من السعن [كذا [] 16 أ]
~~وآلتها، وما يحتاج إليه في ذلك.
وأمر ولده الإمام عبد الرزاق بالخطابة [ظ] فيه يوم الجمع ورسم ذلك أولا
~~في أولاده حتى استقر بعض الاستقرار.
وكان يزجي أوقاته وأيامه طائفا بنفسه على العمال من النجارين والبنائين
~~قاعدا معهم في التراب، وكذلك كل من ينتاب مجلسه من العمال والصدور والأئمة
~~والسادة يقتدون به ويقعدون معه، ويعينون بما يمكنهم، حتى اطردت تلك الأسباب
~~مع قصد المخالفين وتخليط المخلطين، وكانت همته تأبى [ظ] ذلك واستقامته في
~~زمانه [ظ] وزمان السلطان والوزير إلى أن يستمر [كذا]، فيسره الله تعالى
~~بحسن نيته حتى فرغ من عمله. وإن كان بعض العمارات فيه قصور.
وكان يراجع فيه فيقول: غرضي تأسيس لأمر ثم يأتي من بعدي من يغير بعض ذلك
~~ويزيد في العمارة. فكان كما قدره، تغير بعضه لعمارة نظام الملك وبعضه
~~لعمارة العميد مؤيد الملك عميد خراسان، وبعضه لعمارة غيرهما من الصدور.
ورفع الطاق الكبير بعد أيامه مرتين، وغير بعض الأبنية عما كان عليه، حتى
~~تم الآن زواياه وبيوته ومرافقه كما هو عليه أمره مواضع الدنيا وأجمع
~~المساجد لأنواع الزينة والأوقاف الكثيرة وإقامة الجماعات والجمع فيه.
ثم اتفقت الأبنية الميمونة بحذائه وبالقرب منه، من المدارس وبيت المكتب
~~وغيره بسبب القرب من الجامع وبحسن سعي المنيعي.
ومن خصائص أحواله: أنه كان لا يشتغل إلا بالعبادة أو باهتمام المسجد وما
~~يتعلق به، ولا يبالي [ظ] بأبناء الدنيا ولا يتضعضع لهم ولا يراعيهم ظاهرا
~~إلا بمقدار ما لا بد منه، وما كان يجسر [ظ] أحد من القضاة والعلماء [أن]
~~يدخل عليه مع لباس لا يليق بالعلماء [ظ] فكان يحتسب ويغلظ لهم بالقول، ولا
~~يرغب إلا في صحبة أهل الخير والأئمة.
صفحة ٥١