~~ومن إليه الرحلة من الأقطار، وبالتلمذ والجلوس بين يديه والاستفاده منه
~~الافتخار، وكان مبارك النفس.
تفقه على [11 أ] الإمام القفال المروزي بها [ظ] وتخرج. وحكى الثقات: انه
~~ما علق الفقه ولكنه كان يكرره ويدرسه ويحفظ عن ظهر قلبه بحيث ما كان يحتاج
~~إلى مطالعة مكتوب فيه.
وبعد ما عاد إلى وطنه ما كان له مجلس وأصحاب يأخذون منه فكان يقعد في
~~الجامع ويتوجه إلى السواري ويقرأ عليها الكتب من ظهر قلبه حتى عرف قدره
~~وظهر أمره وشاع ذكره فأقعد للتدريس وصار مقصد الطلبة.
وتخرج به جماعة من فقهاء خراسان يطول ذكرهم. وممن تخرج الإمام عبد الرزاق
~~بن حسان بن سعيد المنيعي فإنه أقبل عليه لمكان أبيه وحشمة بيته، وزقه
~~الحديث زقا، وحمله على التعليق، وطالع تعليقه مرارا، واعتمد عليه. وسمعت
~~أنه اقترح عليه تصنيف في الفقه فقال: تصنيفي تعليق عبد الرزاق.
ولقد تصرف في غوامض الفقه وترتيب الاقوال والوجوه ونقل النصوص من بعض
~~المواضع إلى بعض واستنباط المعاني تصرفا لم يسبق إليه، فكان الإمام فخر
~~الإسلام أبو المعالي مولعا بكلامه، متعجبا من فقه (1) نفسه وتصرفاته،
~~معتقدا فيه مالم يعتقد في غيره. وكان خير الفقهاء حقيقة.
ولقد سمعت بعض الثقات من المختلفين إليه أنه قال: جاءه إنسان بفتوى [ظ]
~~في واقعة وقعت له قال: انظروا ما ترون فيه؟ فقال بعضهم: ينبغي أن يراجع
~~المنقول فيه. فغضب القاضي وأنكر ذلك وقال: أترون أنه كان يؤخذ في المنقول
~~لما كان على حفظي. وأظهر إنكارا بليغا ثقة منه بمحفوظه.
وقد سمع الحديث ودخل نيسابور وسمع من المشايخ وكان عصره تاريخا [به].
توفي سنة اثنتين وسبعين واربع مئة.
صفحة ٣٦