109

مختصر الصارم المسلول لابن تيمية

محقق

علي بن محمد العمران

الناشر

دار عطاءات العلم (الرياض)

رقم الإصدار

الرابعة

سنة النشر

١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

مكان النشر

دار ابن حزم (بيروت)

تصانيف

والثاني: يُسْتتاب وتُقْبَل توبتُه بمنزلة المرتدَّ، وهذا قول القاضي والشريف (^١) وابن البنَّاء وابن عقيل، مع قولهم: إن سابَّ الرسول لا يُستتاب وهو قول طائفةٍ من المدنيين، وكذا ذكره أصحاب الشافعي، قالوا: سبُّ اللهِ رِدَّة، وهذا مذهب أبي حنيفة. فأمَّا مأْخَذ من استتاب السابّ لله ورسوله؛ فقالوا: هو رِدَّةٌ، ومن فرَّق قال: سبُّ الله كفرٌ محضٌ حقٌّ لله، وهو - سبحانه - علم منه أنه يُسْقِط حقَّه عن التائب ولا يلحقه غضاضة ولا مَعَرَّةٌ، وحُرْمته في قلوب العِباد أعظمُ من أن تهتكها جُرْأةُ أحدٍ، وبهذا يظهر الفرقُ بينه وبين الرسول، ولأنه حق آدميٍّ فلا يسقط بالتوبة. وبالنظر إلى أنه حقٌّ لله، فما انتهكه من حُرْمة الله لا ينجبر إلا بالحدِّ فأشبه الزنا والسَّرقة والشرب. فصلٌ (^٢) وإن كان السابُّ لله ذِمِّيًّا؛ فهو كما لو سبَّ الرسول، وقد تقدَّم نصُّ أحمد أنه يُقتل مسلمًا كان أو ذِميًّا (^٣)، وكذلك أصحابنا وكذا مذهب مالكٍ وأصحابِه، وكذلك أصحاب الشافعي؛ لكن هنا مسألتان: إحداهما: أن سبَّ اللهِ على قِسمين: أحدهما: سبُّه بما لا يُتَدَيَّن به، بل هو استهانةٌ عند المتكلِّم وغيره، كاللعن، فهذا هو السبُّ بلا رَيْب.

(^١) أبو جعفر الحنبلي. (^٢) "الصارم": (٣/ ١٠٣١). (^٣) ص/ ٩٠.

1 / 112