يا عبد أخلصتك لنفسي فإن أردت أن يعلم بك سواي فقد أشركت بي وإذا سمعت من سواي فقد أشركت بي ، أنا ربك الذي سواك لنفسه واصطفاك لمحادثته وأشهدك مقام كل شيء منه لتعلم أن لا مقام لك في شيء من دونه ، إنما مقامك رؤيته وإنما إفرادك حضرته . يا عبد إني جعلت لك في كل شيء مقام معرفة وإني جعلت لك في مقام كل معرفة مقام تعلق لتكون بي لا بالمقامات ولتكون عني لا عن النهايات ، إني اصطفيتك عن البدايات فأجريتك عنها إلى النهايات ثم اصطفيتك عن النهايات فرحلتك عنها إلى الزيادات ثم اصطفيتك عن الزيادات فرحلتك عنها إلي ، فالبدايات علمك ونهاياتها عملك والزيادات علم وجدك عندي أتعرف إليه بما أشاء وألقى إليه ما أشاء وأنا إليك أنظر لا إلى البدايات ولا إلى النهايات ولا إلى الزيادات ولا إلى الشيء هو بينك وبيني إذ لا بين بيني وبينك ، أنا أقرب إليك من كل شيء فلا بين وأنا أقرب إليك منك فلا أحاطة لك بي ، أنت حد نفسك وأنت حجاب نفسك كيف كنت وكيف تعرفت إليك وأنت منظري فلا الستور المسدلة بيني وبينك وأنت جليسي لا الحدود بينك وبيني . يا عبد لي جلساء أشهدتهم حضرتي وأتولاهم بنفسي وأقبل عليهم بوجهي وأقف بينهم وبين كل شيء غيرة عليهم من كل شيء ، ذلك لأردهم إلي عن كل شيء وذلك ليفقهوا عني ولتوقن بي قلوبهم ، إني أنا أخاطبهم ، أولئك أولياء معرفتي بها ينطقون وعليها يصمتون فهي كهف علومهم وعلومهم كهوف أنفسهم . يا عبد إنما أظهرتك لعبادتي فإن كشفت عن سدولك فلمحادثتي وإن أقبلت عليك فلمجالستي .
مخاطبة 3
صفحة ١٤٨