376

الموجز لأبي عمار عبد الكافي تخريج عميرة

مناطق
تونس
الامبراطوريات
الموحدون

ووجه آخر: لما كان العدد غير قاطع به إذا هو أخطأ في الصفة، وخالف في الحق، وجب أن يكون الحق في نفسه حجة. فإن قال: قد فهمت ما وصفت في هذا من قولك: إن الحق في نفسه حجة، قل الموردون له أو كثروا، غير أني أخذت عليك في واحدة، حيث اشترطت أن يكون المورد للحجة من أهل الحجة، كأنك عارضت قولك، فلم لا قلت: إن الحق في نفسه حجة يكون المورد له من شاء من الناس؟ قيل له: قلت ذلك لقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) (¬1) ، فدل على أنه لو كان غير فاسق (¬2) لما وجب عليهم أن يتبينوا، وفي هذه الآية إشارة إلى أن الواحد حجة إذا كان غير فاسق، على أني رأيت أكثر أصحابنا أكثر ما تميل أجوبتهم إلى أن الواحد لا يكون حجة حتى يزيد معه ثان غيره، كأنهم ناظروا ذلك بالشهادات في الأحكام، والله أعلم.

¬__________

(¬1) سورة الحجرات آية رقم 6، وتكملة الآية (أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين). وذكرت الآية في المطبوعة على أنها رقم (5).

(¬2) فسق فلان: خرج عن حجر الشرع، وذلك من قولهم فسق الرطب إذا خرج عن قشره، وهو أعم من الكفر، والفسق يقع بالقليل من الذنوب وبالكثير، لكن تعورف فيما كان كثيرا، وأكثر ما يقال الفاسق: لمن التزم حكم الشرع وأقر به ثم أخل بجميع أحكامه أو ببعضه، وإذا قيل للكافر يا فاسق فلأنه أخل بحكم ما ألزمه العقل واقتضته الفطرة، قال تعالى: (ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون). سورة النور آية 55، وقال تعالى: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون). سورة النساء آية 47، والفاسق أعم من الكافر. راجع بصائر ذوي التمييز 4: 192، والمفردات ص 380.

صفحة ١٨٠