367

الموجز لأبي عمار عبد الكافي تخريج عميرة

مناطق
تونس
الامبراطوريات
الموحدون

ثم إن سعيدا قال لعبد الله بن يزيد: إنك قد وهمت في هذين الوجهين من باب الحجة، أحدهم: أنك قلت: بأن حجة رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ لا تقوم على الناس جميعا ولا تلزمهم إلا بأن يسمعوا، ووافقت في ذلك مقالة أهل الخطأ، وأوهمت السامعين بأنك عذرت بجهالة حجة رسول الله _عليه السلام_ من لم يسمع بها، وليس ذلك من أصلك، والوجه الثاني: أنك زعمت بأن الناس جميعا قد سمعوا بحجة رسول الله _صلى الله عليه وسلم_، وقرعت دعوته جميع أسماعهم ترقيعا منك بذلك لفساد أول كلامك، وأنا سائلك في هذا الوجه الثاني بمسألتين، فإن كنت أجبتني عنهما، وإلا تبين فساد هذا الوجه الثاني من كلامك كما فسد الأول، أحدهم: أن تخبرني هل يكون أحد على دين عيسى عليه السلام، أو على غير دين عيسى عليه السلام من الأنبياء بعد مبعث الرسول _صلى الله عليه وسلم_، وكان واسعا له أن يقيم على ما هو عليه من دينه (¬1) ؟ قال نعم، فقال: وكيف وسعه أن يقيم على ما هو عليه من دينه، والناس عندك جميعا قد سمعوا بدعوة رسول الله _صلى الله عليه وسلم_؟ أو كنت تخص هذا الذي هو على دين نبي من أنبياء الله بأنه لم يسمع بدعوة رسول الله من دون الناس، وأنت زعمت أن جميع الناس سمعوا بها؟ فكيف صم هو عن حجة سمعها من في المشرق ومن في المغرب؟ وهو أحرى أن يسمع بها؛ لأنه يتوكف ذلك ويتوقع حدوثه.

¬__________

(¬1) قال عليه الصلاة والسلام: "لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار". راجع تفسير القرطبي 1: 433 434.

صفحة ١٧١