المحيط البرهاني في الفقه النعماني فقه الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه

برهان الدين بن مازه البخاري ت. 616 هجري
101

المحيط البرهاني في الفقه النعماني فقه الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه

محقق

عبد الكريم سامي الجندي

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٤ هجري

مكان النشر

بيروت

وكذلك سؤر الفيل نجس كسؤر السباع، هكذا روي عن محمد ﵀ وإنه ظاهر؛ لأن الفيل سبع، لأنه ذوناب. وأما المشكل فهو سؤر الحمار واختلف المشايخ المتأخرون في أن الإشكال في طهارته أو في طهوريته، وعامتهم على أن الإشكال في طهوريته، وإنما وقع الإشكال في طهارته. إما لأن الصحابة اختلفوا في نجاستهِ وطهارته، روي عن عبد الله بن عمر ﵁ أنه نجس، وعن عبد الله بن العباس ﵄ أنه طاهر، وليس أحد القولين بأولى من الآخر فبقي مشكلًا، أو لأن الحمار يربط في الدور والأخبية فيشرب من الأواني كالهرة، إلا أن الضرورة في الحمار ليست نظير الضرورة في الهرة لأن الهرة تدخل مضايق البيوت والحمار لا يدخل مضايق البيوت. ولو لم تكن الضرورة ثابتة أصلًا كما في سؤر الكلب وسؤر سباع البهائم وجب الحكم بنجاسة سؤره بلا إشكال. ولو كانت الضرورة في الحمار نظير الضرورة في الهرة لوجب الحكم بإسقاط نجاسته وبقائه على الطهارة بلا إشكال. فإذا ثبتت الضرورة من وجه دون وجه عملنا بهما، ولوجود أصلها لم يحكم بنجاستهِ، ولانعدام ما يمنعها لم يحكم بالطهارة فبقي مشكوكًا فيه. والأصح ما نقل عن عامة المشايخ أن الإشكال في طهوريته لا في طهارته، فقد روي عن محمد ﵀ نصًا في «النوادر»: أن سؤر الحمار طاهر ولكن الإشكال في طهوريته ما ذكرنا أن الحمار يربط في الأجنبية والدور فيشرب من الأواني كالهرة، إلا أن الضرورة في الحمار ماسَّة من وجه دون وجه، لوجود أصلها لم يحكم بنجاسته لانعدام تمامها. أخرجناه من أن يكون طهورًا فلا يطهر ما كان نجسًا، ولا ينجس ما كان طاهرًا. والحكم في سؤر البغل مثل الحكم في سؤر الحمار لأن البغل متولد من الحمار ومخلوق من مائه. وبعض مشايخنا قالوا: حكم سؤر الحمار أخف من سؤر البغل لأن البلوى في حق الحمار أكثر من البلوى في البغال لكثرة الحمر وقلة البغال فيما بين الناس. وبعض الناس فرقوا في الحمير بين الفحل والأتان فقالوا: سؤر الفحل يكون نجسًا؛ لأنه يشم الأبوال فتتلطخ شفتاه وتتنجس. فإذا دخل في الماء القليل يتنجس الماء ضرورة، ولا كذلك الأتان لأنها لا تشم الأبوال. وعندنا الكل مشكل لأن غمس الشفة في البول موهوم، والأصل هو الطهارة فلا تثبت النجاسة في شفتها بالشك، كما قلنا في الدجاجة المخلاة سؤرها طاهر، فاعتبار الأصل وإن كان الظاهر من حالها الجولان في العذرات. وعن الكرخي عن أبي حنيفة ﵀: أن سؤر الحمار نجس؛ لأن لعابه لا يخلو عن قليل الدم لما يلحقه من التعب بحمل الأثقال، ولكن هذا المعني يشكل بسؤر الدواب التي يؤكل لحمها ويحل عليها نحو البعير والقر. وذكر البلخي في «اختلاف زفر ويعقوب»: أن سؤر الحمار نحسٌ عند زفر والحسن نجاسة حقيقية طاهر عند أبي يوسف. وفي باب السهو من «الأصل» وقال أبو

1 / 129