مفردات ألفاظ القرآن
محقق
صفوان عدنان الداودي
الناشر
دار القلم
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٢ هـ
مكان النشر
الدار الشامية - دمشق بيروت
فاستعير لكلّ مضيّع لماله، فتبذير البذر: تضييع في الظاهر لمن لم يعرف مآل ما يلقيه. قال الله تعالى: إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ
[الإسراء/ ٢٧]، وقال تعالى: وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا
[الإسراء/ ٢٦] .
برَّ
البَرُّ خلاف البحر، وتصوّر منه التوسع فاشتق منه البِرُّ، أي: التوسع في فعل الخير، وينسب ذلك إلى الله تعالى تارة نحو: إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ
[الطور/ ٢٨]، وإلى العبد تارة، فيقال: بَرَّ العبد ربه، أي: توسّع في طاعته، فمن الله تعالى الثواب، ومن العبد الطاعة. وذلك ضربان:
ضرب في الاعتقاد.
وضرب في الأعمال، وقد اشتمل عليه قوله تعالى: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ [البقرة/ ١٧٧] وعلى هذا ما روي «أنه سئل ﵊ عن البرّ، فتلا هذه الآية» «١» .
فإنّ الآية متضمنة للاعتقاد والأعمال الفرائض والنوافل. وبِرُّ الوالدين: التوسع في الإحسان إليهما، وضده العقوق، قال تعالى: لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ [الممتحنة/ ٨]، ويستعمل البِرُّ في الصدق لكونه بعض الخير المتوسع فيه، يقال: بَرَّ في قوله، وبرّ في يمينه، وقول الشاعر:
٤٣-
أكون مكان البرّ منه
«٢» قيل: أراد به الفؤاد، وليس كذلك، بل أراد ما تقدّم، أي: يحبّني محبة البر.
ويقال: بَرَّ أباه فهو بَارٌّ وبَرٌّ مثل: صائف وصيف، وطائف وطيف، وعلى ذلك قوله تعالى: وَبَرًّا بِوالِدَتِي [مريم/ ٣٢] . وبَرَّ في يمنيه فهو بَارٌّ، وأَبْرَرْتُهُ، وبَرَّتْ يميني، وحجّ مَبْرُور أي: مقبول، وجمع البارّ: أَبْرَار وبَرَرَة، قال تعالى: إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ [الانفطار/ ١٣]، وقال: كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ [المطففين/ ١٨]، وقال في صفة الملائكة: كِرامٍ بَرَرَةٍ
[عبس/ ١٦] .
(١) الحديث أخرجه ابن أبي حاتم وصححه عن أبي ذر أنه سأل رسول الله عن الإيمان فتلا لَيْسَ الْبِرَّ ... حتى فرغ منها ثم سأله أيضا فتلاها، ثم سأله فتلاها، وقال: «وإذا عملت حسنة أحبّها قلبك، وإذا عملت سيئة أبغضها قلبك» انظر: الدر المنثور ١/ ٤١٠، والمستدرك ٢/ ٢٧٢. (٢) الشطر لخداش بن زهير وهو بتمامه: أكون مكان البرّ منه ودونه ... وأجعل مالي دونه وأوامره وهو في تاج العروس (برّ)، والمجمل ١/ ١١٢، واللسان (برر)، وليس في شعره، وذكر جامع ديوانه بيتا له من نفس القافية والبحر، وهو في شمس العلوم ١/ ١٢٣.
1 / 114