202

وعجز غيره ، عن الاتيان بمثله.

الثالث : اختلف في تفاوت القرآن في مراتب الفصاحة ، بعد اتفاقهم على انه في اعلى مراتب البلاغة ، بحيث لا يوجد في التراكيب ما هو اشد تناسبا ، ولا اعتدالا ، في افادة ذلك المعنى ، منه.

فاختار القاضي : المنع ، وان كل كلمة فيه موصوفة بالذروة العليا ، وان كان بعض الناس احسن احساسا له من بعض.

واختار ابو نصر القشيري وغيره : التفاوت ، فقال : لا ندعى : ان كل ما في القرآن على ارفع الدرجات في الفصاحة وكذا قال غيره : في القرآن الافصح والفصيح.

والى هذا نحا الشيخ عز الدين بن عبد السلام. ثم اورد سؤالا وهو : انه لم لم يأت القرآن جميعه بالافصح؟

واجاب عنه الصدر موهوب الجزري بما حاصله : انه لو جاء القرآن على ذلك ، لكان على غير النمط المعتاد في كلام العرب : من الجمع بين الأفصح والفصيح ، فلا تتم الحجة في الاعجاز ، فجاء على نمط كلامهم المعتاد ، ليتم ظهور العجز عن معارضته ، ولا يقولوا مثلا : اتيت بما لا قدرة لنا على جنسه.

كما لا يصح من البصير ، ان يقول للاعمى : قد غلبتك بنظري ، لانه يقول له : انما تتم لك الغلبة ، لو كنت قادرا على النظر ، وكان نظرك اقوى من نظري ، واما اذا فقد اصل النظر فكيف تصح مني المعارضة؟

التنبيه الرابع : قيل : الحكمة في تنزيه القرآن عن الشعر الموزون

صفحة ٢٠٤