إذا عرفت ذلك فنقول : قد ظهر لك مما بيناه آنفا ان العناية بالحمد وصيرورته أهم إنما أتى من كون المقام مفتتح التاليف والشروع فيه نظير تقديم الفعل في ( اقرأ باسم ربك ) على ما ياتى فى باب متعلقات الفعل بأن الاهم فيه القراءة لأنها أول سورة نزلت ، فكان الأمر بالقرائة أهم فلذا قدم ، فتبصر! ،
واما لفظة (على) فقد يفسرها بعضهم في امثال المقام بلفظة «بعلاوة» ولكن التحقيق فى تفسيرها ما ذكره إبن هشام في حرف العين فى معانى (على) وهذا لفظه :
«التاسع أن تكون للإستدراك والإضراب ، كقوله : فلان لا يدخل الجنة لسوء صنيعه على انه لا يأس من رحمة الله ، وقوله :
فو الله لا أنسى قتيلا رزيته
بجانب قوسي ما بقيت على الارض
اى على ان العادة نسيان المصائب البعيدة العهد ، وقوله :
بكل تداوينا فلم يشف ما بنا
على ان قرب الدار خير من البعد
(ثم قال)
على أن قرب الدار ليس بنافع
إذا كان من تهواه ليس بذى ود
أبطل ب «على» الاولى عموم قوله : «لم يشف ما بنا» ، فقال : بلى ان فيه شفاء ما ، ثم أبطل بالثانية قوله : «على ان قرب الدار خير من البعد» وتعلق على هذه بما قبلها عند من قال به كتعلق حاشا بما قبلها عند من قال به ، لأنها أوصلت معناه إلى ما بعدها على وجه الإضراب والإخراج. أو هي خبر لمبتدء
صفحة ١٧