معترك الأقران في إعجاز القرآن، ويسمى (إعجاز القرآن ومعترك الأقران)

جلال الدين السيوطي ت. 911 هجري
71

معترك الأقران في إعجاز القرآن، ويسمى (إعجاز القرآن ومعترك الأقران)

رقم الإصدار

الأولى ١٤٠٨ هـ

سنة النشر

١٩٨٨ م

ذلك: (فلا تَعْتَدوها)، لأن الأولى وردت بعد نواهٍ، فناسب النهي عن قربانها، والثانية بعد أوامر، فناسب النهي عن تعديها وتجاوزها بأن يوقف عندها. قوله تعالى: (نَزّلَ عَلَيْكَ الكتَاب) آل عمران: ٣. وقال: (وأنزل التوراةَ والإنْجِيل) آل عمران: ٣)، لأن الكتاب أنزل منجمًا، فناسب الإتيان بنزل الدالة على التكرير، بخلافهما فإنهما أنزلا دفعة واحدة. قوله تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ) . وفي الإسراء: (خَشْيَةَ إمْلاَق)، لأن الأولى خطاب للفقراء المقلين، أي لا تقتلوهم من فقركم، نحن نرزقكم ما يزول به إملاقُكم، ثم قال: وإياهم. والثانية خطاب للأغنياء، أي خشية فقر يحصل لكم بسببهم، ولهذا حسن: نحن نرزقهم وإياكم. قوله تعالى: (فاستَعِذْ باللهِ إنهُ سَمِيعٌ عَلِيم) الأعراف: ٢٠٠. وفي فُصّلت: (السميع العليم) فصلت: ٣٦)، لأنها نزلت ثانيا فحسن التعريف، أي هو السميع العليم الذي تقدم ذكره عند نزوغ الشيطان. قوله تعالى: (المنافقون والمنافقاتُ بعضُهم مِنْ بَعْض) . وقال في المؤمنين: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)، وفي الكفار: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)، لأن المنافقين ليسوا متناصرين على دين معين وشريعة ظاهرة، وكان بعضهم يهودًا وبعضهم مشركين، فقال: من بعض، أي في الشك والنفاق. وكان المؤمنون متناصرين على دين الإسلام. وكذلك الكفار المعلنون بالكفر كلهم أعوان بعضهم ومجتمعون على التناصر بخلاف المنافقين، كما قال تعالى: (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) . فهذه أمثلة يستضاء بها، ويأتي منها كثير في وجه التقديم والتأخير، وتقدم في نوع الفواصل، وهذا بحر لا ساحل له، فلنرجع إلى المقصود. *******

1 / 72